«النازيون الجدد» يستهدفون أحياء برلين الفقيرة
تشهد أحياء في العاصمة الألمانية برلين أعمال شغب وعنف يقف وراءها مجموعات عنصرية، ويستقطب حي شونفيد، في شرق المدينة، جماعات متطرفة يطلق عليها اسم «النازيون الجدد» التي تنتشر في عدد من المدن الألمانية.
وكانت برلين وميونيخ مسرحاً للجريمة العنصرية في الأشهر الأخيرة، إذ قتل عدد من المهاجرين على أيدي النازيين الجدد، إلا أن أهالي حي شونفيد قرروا الوقوف في وجه هذه المجموعات التي تزيد الوضع في الحي الفقير تعقيداً. وانضم الكثير من الرجال والنساء وكبار السن إلى مواجهة الدخلاء، الذين أعطوا انطباعاً سيئاً للغاية عن الحي العريق.
ويقول أحد منظمي الحركة الاحتجاجية، فضل عدم الكشف عن اسمه، «منذ سنوات أصبحت شونفيد معقلاً للنازيين، ولهذا قررنا الخروج إلى الشوارع، رفضاً لهذا الواقع. لا أحد يمكنه أن ينكر حجم الرعب الذي يعيشه هذا الحي».
وفي طرف الحي يوجد مقهى يرتاده عناصر اليمين المتطرف، وغير بعيد من المقهى، يوجد محل تجاري يمتلكه سباستيان شميكت، وهو الرجل الثاني، في اليمين المتطرف، شرق برلين. وتقول تانيا (65 عاماً)، وهي متقاعدة تسكن في الحي، «لا نريد نازيين في هذا الحي، إنهم يعتدون على شبابنا ويريدون نشر أفكارهم المتطرفة، لقد باتوا أكثر عنفاً من السابق».
ويدعو الأهالي إلى منع مثل هذه التنظيمات لأنها تمول بالمال العام، بشكل غير مباشر، أما السيدة الشقراء كريستيان شوت، التي تقطن في حي مجاور، فتقول «لقد تملكنا الخوف بشكل دائم». وقام مجهولون بتحطيم ممتلكاتها، بما في ذلك صندوق البريد وزجاج النوافذ، كما أنها تتلقى، هي وعائلتها، على الهاتف تهديدات باستمرار. ومن أجل التغلب على حالة الرعب التي تعيشها، قامت كريستيان بإنشاء جمعية «هوفيسن» ضد النازيين الذين يقدر عددهم بنحو 23 ألف في ألمانيا، وعادة ما تنزل إلى الشارع لمواجهتهم. وفي إحدى المرات التقت شوت مجموعة من الشباب النازي حليقي الرأس، فأوقفتهم وراحت تلقنهم درساً، وتقول «وضع إشارات مميزة ممنوع حسب القانون الألماني، كما يمنعكم القانون أن تصيحوا إننا عائدون» أو «سوف ننال منكم جميعاً».
ويرتدي هؤلاء الشاب لباساً مميزاً ويدقون وشماً مميزاً.
وفي المقابل يقول الزعيم في اليمين المتطرف، يودو فوات، إن الانتقادات الموجهة إليهم لا أساس لها من الصحة، ويضيف «نحن أقوياء في حي شونفيد الذي تخلت عنه الحكومة»، موضحاً أنه «منذ أكثر من 10 سنوات بات الحي نقطة ساخنة للبؤس الاجتماعي إذ تطال البطالة 13.6٪ من القوة العاملة».
ويؤكد فوات أن المنطقة خسرت آلاف الوظائف بعد إغلاق مصنع الكابلات الذي كان مزدهراً أيام كانت ألمانيا مقسمة. ويشير استطلاع للرأي، أجري في 2012، إلى أن كراهية الأجانب راسخة في الرأي العام الألماني. وفي الشرق تلقى الأحزاب المتطرفة إقبالاً لافتاً يصل إلى 15.8٪ من إجمالي السكان. في حين تتراجع حدة التطرف وسطوة التيار النازي في غرب البلاد، ويرجع خبراء هذا التوجه إلى الإرث التاريخي والهوة الاقتصادية بين الشطرين. ومن أجل مكافحة خطر الإرهاب اليميني النازي، أنشئت قاعدة بيانات مركزية لجمع المعلومات حول النازيين والمتطرفين، من أجل تسهيل تبادل المعلومات بين أجهزة الأمن والمخابرات الألمانية. وجاء ذلك بعد تحقيقات أجريت بشأن سلسلة من عمليات قتل استهدفت عناصر من الشرطة ومهاجرين، اتُّهم بها هؤلاء النازيون خلال السنوات الماضية.