انقسام الإعلام الأميركي حول التجسس باسم مكافحة الإرهاب
بعد انكشاف أمر هروب خبير تحليل المعلومات في وكالة الأمن الوطني الأميركي، إدوارد سنودين، تجدد الجدل في الأوساط الإعلامية والسياسية الأميركية حول تأييد أو رفض عمليات التنصت والتجسس التي تقوم بها الوكالات الحكومية وأجهزة الاستخبارات على المواطنين الاميركيين في إطار الحرب على الإرهاب. ويبدو أن أغلبية الأميركيين فرزت نفسها على ما يبدو الى واحد من فريقين أولهما: من لا يخشون التجسس على أنفسهم لانهم واثقون ومتأكدون من صدق انتمائهم ووطنيتهم وحرصهم على الأمن القومي للولايات المتحدة، والثاني: من يعارضون التجسس والتنصت كمبدأ باعتباره ضد الحريات الشخصية والعامة ومساس بحقوق الانسان.
وأثار استطلاع للرأي أجرته صحيفة «واشنطن بوست»، ومركز «بيو» نقاشاً مطولاً حول الموضوع، بعد أن تبين أن 56٪ من الأميركيين يؤيدون التجسس، مقابل 41٪ يعارضونه.
وتحدثت صحيفة «ميلووكي جورنال» في تعليق لها عن تحريف «واشنطن بوست» لرأي الأميركيين، وأشارت إلى أخطاء عدة في الاستطلاع، منها أن أكثر من نصف الاميركيين الذين تم استطلاع آرائهم لم يتابعوا تفاصيل نبأ هروب سنودين وما سربه من معلومات بعد ساعات من بثه اذاعياً وتلفزيونياً.
كما سارع عدد من مذيعي التلفزيون الى القول انه «لا يهم التجسس على الأميركيين، إن كل شيء مباح في سبيل الحرب ضد الإرهاب». بينما انتقد سياسيون ومشرعون تورط الحكومة الاميركية في عمليات تجسس وتنصت، حيث قال السيناتور راند بول، العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ «لا أصدق ذلك»، متجاهلاً ان إدارة الرئيس الديمقراطي الحالي باراك أوباما، إنما تواصل تطبيق سياسة في التنصت والتجسس أرستها وبدأتها إدارة سلفه الجمهوري جورج بوش باسم محاربة الارهاب. وتساءل إعلاميون منتقدون عن مدى احترام حقوق الإنسان والحريات الفردية، وعما إذا كان التجسس هو الطريقة الصحيحة لمحاربة الإرهاب أم لا.
وفي اسـتقراء آخـر للرأي تم إجراؤه لصالح محطة التلفزيون الاميركية «سي بي اس»، قال 30٪ من الاميركيين إن ما كشفه سنودين أضر كثيراً الأمن الوطني الاميركي مقابل 60٪ قالوا انه لم يحلق أي ضرر، بينما قال 75٪ إنهم يؤيدون الحكومة في التجسس على كل من تعتقد بأنهم إرهابيون أو تشك في انتمائهم.
وعلى الرغم من التصريحات الغاضبة من قبل مسؤولين أميركيين ومن ديمقراطيين في الكونغرس تعتقد أغلبية الشعب الأميركي أن ما حدث لا يضر الأمن الأميركي. كما قادت السيناتور ديانا فاينشتاين العضو الديمقراطي في مجلس الشيوخ عن كاليفورنيا حملة تتهم سنودين بأنه «خائن»، بينما أبدى محللون تحفظهم القوي على التجسس، قائلين إنهم يخشون التجسس لتجاوز محاربة الإرهاب الى أغراض أخرى. وبعد فإنه في دولة عظمى تنبري في كل مناسبة صغيرة او كبيرة للدفاع عن حقوق الانسان والحريات الفردية والعامة يلقى ما تقوم به حكومتها من تجسس وتنصت على مواطنيها استهجاناً كبيراً ولا يجد أي تبرير له عند اغلبية الاميركيين.