جرائم القتل في هندوراس 10 أضعاف المعدل العالمي
أصيب مجتمع الهندوراس بالصدمة جراء القدر المأساوي للصحافي انيبال بارو، وهو أستاذ جامعي تم تقطيع جثته وإلقاؤها في بحيرة في منطقة فيلانوفا في مقاطعة كورتيس في شمال الهندوراس. وتم خطف بارو (65 عاماً) في 24 يونيو الماضي من مدينة سان بيدرو سولا، وهي العاصمة المحلية التي تبعد 450 كيلومتراً الى الشمال من مقاطعة تيغوسيغالبا، بينما كان في سيارته مع أفراد عائلته وسائقه، الذي أطلق سراحه من دون تعرضه لسوء، من قبل مجموعة غير معروفة من المسلحين.
وتم العثور على السيارة بعد بضع ساعات من الجريمة، حيث كان هناك فجوة في أحد الأبواب نتيجة اختراقه برصاصة، إضافة إلى آثار الدم في داخل السيارة. وتم اكتشاف جثة بارو بعد 15 يوماً على الحادث في مستنقع بالقرب من حي سيبوني في منطقة فيلانوفا. ويقول المحللون الاجتماعيون إن الجريمة تشير إلى أن الهندوراس دخلت مرحلة من «ارتفاع وتيرة العنف»، وأن الصحافيين هم الضحايا المفضلون من أجل نشر الرعب.
وخلال الأعوام الثلاثة والنصف الماضية لقي 29 شخصاً يعملون في مجال الإعلام مصرعهم.
ويقول المؤرخ والمحلل الاجتماعي رونالدو سييرا «إننا نخضع لنوع من العنف الذي شهدته البلاد قبل 15عاما، لكن الطريقة التي يعمل بها المجرمون قد تغيرت. وتبدو هذه العمليات كأنها رسالة من الجريمة المنظمة في القرن الـ21، مختلفة جداً عما كانت عليه الحال أيام انتشار قطاع الطرق واللصوص في القرن التاسع عشر». ويضيف أنه «معدل من العنف مثير للرعب. والضحايا ليسوا من المواطنين العاديين. وبعبارة اخرى فإن العنف ينتشر نحو قطاعات تتمتع بآثار كبيرة على المجتمع».
وتحدث الصحافيون الذين غطوا عملية اكتشاف رفات بارو كيف أن ملابسه ووثائقه الشخصية عثر عليها مدفونة، وبعد فترة تم اكتشاف جزء من جسده ملفوف في أكياس، في حين أن أجزاء أخرى تم العثور عليها في مكان آخر، وهي متفحمة من جراء الاحتراق.
ويقول مفوض حقوق الانسان رامون كاستوديو «لقد كان عملاً وحشياً ومثيراً للاشمئزاز».
ويقول الصحافي جورج اوسيغويرا صديق بارو ومراسل محطة «اتش ار ان» الاذاعية في تيغويسيغالبا، انه وجد حالة الجثة «غير معقولة».
ويضيف بكلمات مخنوقة «نحن الذين نعمل في مجال الإعلام أصبحنا معتادين على العنف، لكن عندما يؤثر العنف في شخص مقرب منا، مثل زميل أو صديق فإن كل ما يمكن أن نقوله إن ماكينات القتل هذه لا ترحم أحداً».
وكان الصحافي القتيل ضيفاً في برنامج «توك شو» صباحي شهير، قبل فترة وجيزة من مقتله، على قناة تلفزيون «غلوبو» في مدينة سان بيدرو سولا، حيث يعمل في تدريس الرياضيات أيضاً في جامعة أوتونومس الوطنية في الهندوراس. وتم اعتقال أربعة من المشتبه فيهم، لكن 10 من الأشخاص متورطون في قتل الصحافي، حسب أحد الشهود الذي تم وضعه تحت الحماية، وهو أصلا واحد من القتلة المأجورين، كما قال المدعي العام روبيرتو راماريز، ولم يتم الكشف عن أسباب القتل.
وتعاني الهندوراس وقوع 20 جريمة قتل يومياً، وفي عام 2012 بلغت نسبة القتل في شعب الهندوراس 85.5 لكل 100 ألف من السكان، أي نحو 10 أضعاف المعدل العالمي المعروف، البالغ 8.8 لكل100 ألف، وتعتبر هذه الدولة أحد أكثر بلاد العالم عنفاً.
وأعلنت وزارة الداخلية أنها تهدف إلى تقليل معدل القتل إلى ثمانية لكل 100 ألف هذا العالم، لكن السلطات لم تتحدث مع الصحافة منذ أكثر من شهرين، واقتصرت معلومات الصحافة على البيانات الرسمية التي لا تقدم أرقاماً بأعداد الجرائم. وسجلت اللجنة الوطنية لحقوق الانسان مقتل 36 صحافيا منذ عام 2002، لكن 29 من حالات القتل حدثت منذ وصول الرئيس اليميني بورفيريو لولو الى السلطة عام 2010.
وتظل الحصانة التي يتمتع بها البعض العامل الشائع بين هذه الحالات، ومن ضمن جميع حالات قتل الصحافيين لم تؤد إلا واحدة منها إلى عقوبة رادعة للمجرمين. وتعد الهندوراس أكثر البلاد خطورة بالنسبة للصحافيين. وتتركز معظم حالات مقتل الصحافيين في 10 أو 18 مقاطعة في الدولة معروفة بتهريب المخدرات. ويقول الصحافي والاستاذ الجامعي ميغويل مارتينيز «إن وحشية مقتل بارو تعيدنا الى ما كانت عليه الحال في تسعينات القرن الماضي في كولومبيا، والمكسيك حاليا، الأمر الذي يشير إلى الحاجة الماسة إلى إيجاد حل للجريمة المنظمة».