مهاجرون ينافسون المتسوّلين المغاربة
«قبل مدّة لم يكونوا يرضون بقبول أقل من درهم من طرف المحسنين، عندما تمد لأحدهم 50 أو 20 سنتيماً يحدجك بنظرة لوم وعتاب، ويقبل الصدقة على مضض.. الآن، ومع المنافسة التي يلقونها من طرف المهاجرين الأفارقة الذين يمتهنون التسوّل، وكذا اللاجئون السوريون، صاروا يقبلون ما يتصدّق به عليهم المحسنون من قطع نقدية مهما ضحلت قيمتها». يقول صاحب سيارة أجرة صغيرة بالرباط متحدثاً عن المتسوّلين المغاربة الذين صاروا يخوضون منافسة «شرسة» مع نظرائهم الأفارقة الذين أصبحت أعدادهم تتزايد في شوارع المدن المغربية، وكذلك بعض اللاجئين السوريين الذين أرغمتهم الظروف على «مزاولة» التسوّل: في مدينة الرباط كما في غيرها من المدن الأخرى، لا تخلو الشوارع من المستولين الأفارقة، منهم من يتخّد مكانا قارّاً على رصيف الشوارع الكبرى، خصوصاً في الأحياء «الراقية»، مثل حسّان وأكدال، أو في محطات الطرامواي، ومنهم من يجوب الشوارع والأسواق جيئة وذهاباً، وعندما يحين موعد الصلاة يتوجّه إلى أحد المساجد ويستعطف المصلين بعبارات تبتدئ بـ«تحية الإسلام» (السلام عليكم)، وتنتهي بطلب صدقة بدارجة مغربية مكسّرة. بعد الثورة السورية، واندلاع مواجهات بين الجيش السوري الحرّ والجيش النظامي، وما خلّفه ذلك من نزوح لآلاف السوريين نحو عدد من البلدان العربية، ومنها المغرب، أضيف «منافس» آخر للمتسولين المغاربة، ولم تعد المنافسة مقتصرة بينهم وبين المتسولين الأفارقة، ولم يجد عدد من اللاجئين السوريين المقيمين في المغرب، والذين يعيشون في ظروف اجتماعية مزرية أمامهم من حل آخر غير التسوّل لكسب لقمة العيش، معظمهم يلجأ إلى المساجد لاستدرار عطف المحسنين. عندما تنتهي الصلاة ويسلّم الإمام، ينتصب أحدهم وسط المسجد ويخاطب المصلين بلهجة شامية مشحونة بالمعاناة، ويلوّح بجواز السفر السوري الأزرق في الهواء، حتى يكتسب استعطافه مصداقية من طرف المصلّين، ثم يتوجّه صوب باب المسجد وينتظر ما قد تجود به أريحيّة المحسنين.