البرامج السياسية التلفزيونية بين الموضوعية والسطحية
تعد البرامج السياسية واحدة من أهم ركائز البث التلفزيوني في العالم، وتشغل مساحة كبيرة من خريطة البث التلفزيوني يومياً، وتثير قدراً كبيراً من الجدل بين مؤيد ومعارض. فهناك من يقول إن معظم هذه البرامج في العالم العربي يقوم على التزلف إلى المسؤولين وأنظمة الحكم ومجاملتها، وتفتقر إلى الجرأة وحرية التعبير بسبب أزمة في الديمقراطية. وهناك من يرى أن هذه البرامج يغلب عليها السطحية والفجاجة وعدم النضج، والتشجيع على التحريض من خلال الهجوم الشخصي والتجريح، ما يفقدها القدرة على التأثير وعلى إثراء معلومات المشاهد ومعارفه. وعلى الرغم من كل الانتقادات الموجهة إلى هذه البرامج يبقى هناك من يقول إن مجرد وجودها على خريطة البرامج التلفزيونية هو إنجاز ومكسب في حد ذاته، وإنه يمكن تطويرها شكلاً ومضموناً من خلال استمرارها.
ومن الطبيعي أن تختلف نكهة كل برنامج عن الآخر حسب المذيع والمضمون والشخصيات التي تتم استضافتها، فما يقدمه فيصل القاسم يختلف عما يقدمه مارسيل غانم أو وائل الإبراشي، وما تقدمه منى الشاذلي ليس هو ما تقدمه بولا يعقوبيان.
وتشير الدراسات أيضاً إلى أن هذا النوع من البرامج يحظى باهتمام ومتابعة المشاهدين إلى حد يصل إلى الادمان. ومن أسباب الاهتمام بالبرامج السياسية طبيعة الإنسان نفسه، فهو كائن اتصالي بطبيعته وبحاجة دائمة إلى التفاعل وزيادة معرفته بالأزمات السياسية والمتغيرات من حوله. وتقول الاعلامية اللبنانية بولا يعقوبيان، إن نجاح البرنامج السياسي يقاس بمقدار وصوله إلى عقل المشاهد وقلبه واستثارة رغبته في التفاعل والمشاركة، من خلال شخصية المذيع ومعلوماته وثقته وقدرته على إيصال المعلومات بكل هدوء وموضوعية.
من جانبها تتساءل المذيعة السورية هالة سعيد: لماذا يقتصر تقديم البرامج السياسية على الرجال أكثر من النساء؟ وتقول «أطمح لتقديم البرامج السياسية، وأتمنى أن تتاح لي الفرصة لتقديم مثل هذه البرامج، فأنا أشعر بأن لدي الضروريات المطلوبة من الثقافة الواسعة والثقة والهدوء، وغير ذلك». بقي أن نقول إن البرامج السياسية في التلفزيونات العربية مازال ينقصها الكثير من عناصر النجاح على الرغم من الشوط الذي قطعته.