قانون التأشيرة الجديد يسمح باستغلالهن في العمل ساعات أطول دون أجر
عاملات المنازل في بريطانيا يعشنَ «العبودية العصرية»
عززت مجموعة من عاملات المنازل، اللواتي تقودهن امرأة فلبينية، ويعشن في المملكة المتحدة، مطالبهن للحكومة البريطانية، لإصدار قوانين جديدة للتأشيرة لـ16 ألف عاملة في المنازل، يعتقد أنهن يعانين مخاطر الاستغلال وإساءة المعاملة. وتهدف حملة الإنصاف لعاملات المنازل إلى إلغاء قوانين التأشيرة المثيرة للجدل، التي أصدرتها وزيرة الداخلية تيريزا ماي، التي تربط تأشيرة العاملات مع أرباب عملهن. وتقول مؤسسة حملة «إنصاف عاملات المنازل»، ماريسا بيغونيا، إن «النظام الجاري يتيح لأرباب الأعمال استغلال واستعباد العاملات في المنازل». وتعمل هذه المرأة مع المئات من النساء الآسيويات والإفريقيات، اللواتي تم جلبهن إلى المملكة المتحدة عن طريق شركات توظيف أجنبية، وتجري معاملتهن على نحو رديء أو يتم استعبادهن.
حصانة دبلوماسية ومالية تمثل قضية كون أرباب عمل العاملات المنزليات في المملكة المتحدة غالباًً من الدبلوماسيين أو الأثرياء أو العائلات الروسية، حيث يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية أو المالية، مشكلة كبيرة. ومع ذلك فقد أصدرت السلطات البريطانية قراراً أخيراً، قضى بتجريم عاملين في السفارتين السودانية والليبية، حيث اشتكت طباخة ومربية أنهما تعرضتا لسوء المعاملة، وحظيت المرأتان اللتان اشتكتا رب عملهما بدعم من حملة «إنصاف عاملات المنازل»، الامر الذي منح مؤسسة الحملة ماريسا بيغونيا، الامل بأن من يسيء لعاملات المنازل لا يمر دون عقوبة. |
وكانت بيغونيا تتحدث بعد أيام قليلة بعد الكشف المثير للصدمة عن قصة ثلاث نساء تم استغلالهن في حالة استعباد قسري لمدة 30 عاماً في جنوب لندن، وحذرت بيغونيا من أن «التأشيرة المرتبطة»، يمكن أن تؤدي إلى اخضاع الآلاف من هؤلاء العاملات إلى حياة العبودية العصرية.
ويمكن للعاملات المنزليات بموجب قانون التأشيرة الجديد الذي تم إصداره في أبريل 2012 أن يجبرن على العمل لساعات أطول، ولا يحصلن على الحد الأدنى من الأجور، أو لا يحصلن على أجر بالمطلق. والنساء اللواتي اعتقدن أنهن يعملن في منزل واحد يمكن أن يطلب منهن رب عملهن العمل في منزلين أو ثلاثة، من دون الحصول على أجر إضافي، لأنهن لا يملكن إلا خيار الموافقة على ما يطلب منهن القيام به، وإلا سيتم إلغاء تأشيراتهن.
ومن الحالات التي تتعامل معها حملة «إنصاف عاملات المنازل»، تتضمن نساء أجبرن على النوم على الأرض ويأكلن الفتات وما يلقيه إليهن أطفال العائلة التي يعملن لديها. وأخرى تم أخذها إلى الطابق الأخير للمبنى الذي تعيش فيه العائلة، حيث هدد رب عملها بإلقائها منه على الأرض. وتعرض بعضهن للضرب، كما أن التقارير التي تحدثت عن الاعتداءات الجنسية شائعة. وإذا تمكنت العاملات من الهرب يصبحن مهاجرات غير شرعيات وعليهن العمل عبر أقنية مشبوهة. ومعظم هؤلاء العاملات يرسلن المال إلى عائلاتهن، وليس لهن خيارات سوى البقاء في المملكة المتحدة، والاستمرار في العمل مهما كلف الثمن. وإذا اشتكت عاملات المنازل إلى الشرطة سوء المعاملة التي يلقينها من أرباب عملهن، فإنه عادة يتم إعادتهن إلى بلادهن.
وهناك جمعية خيرية يطلق عليها «كالايان»، تهتم بعاملات المنازل، أجرت بحثاً أظهر آثار «التأشيرة المرتبطة» برب العمل. وذكرت جميع العاملات في هذا النوع من التأشيرة أنهن حصلن على أقل من 100 جنيه استرليني أسبوعياً، مقابل 60% فقط من اللواتي يعملن على تأشيرة مستقلة، وكان 62%من العاملات بالتأشيرة المرتبطة لم يحصلن على راتب بصورة مطلقة، مقابل 14% من العاملات بتأشيرة مستقلة. و85% منهن ليس لديهن غرفة مستقلة، ولذلك ينمن في غرف الأطفال أو في المطبخ مقارنة بـ31% من العاملات بتأشيرة مستقلة.
والأمر الأكثر إثارة للقلق أنه على الرغم من أن تعداد عاملات المنازل الاجنبيات في المملكة المتحدة بقي ثابتاً، إلا أن تعداد الطالبين للمساعدة من «كالايان» تناقص إلى النصف منذ إدخال التأشيرة المرتبطة. وذكرت حملة «إنصاف عاملات المنازل» تناقصاً مماثلاً. وتخشى الحملة من أن معظم عاملات المنازل اللواتي يعانين، هربن من أماكن عملهن وأنهن يعملن الآن بصورة سرية، في أماكن أخرى حيث يعشن الآن تحت رحمة أرباب عملهن.
وتقول بيغونيا، التي لاتزال تعمل بدوام كامل كعاملة منزلية وتشارك في حملة من أجل عاملات المنازل «أنا مرهقة، وأعمل في ثلاثة أعمال، ولكنني لا أستطيع التوقف، لأنني أدرك انهم يحتاجون إلى مساعدتي، ولا أستطيع البقاء ساكنة دون أن أفعل شيئاً».
وفي الشهر الماضي ذهبت بيغونيا إلى الامم المتحدة في نيويورك بدعم من منظمة العمل الدولية، وألقت خطاباً حماسياً وعاطفياً، وعرضت فيلم فيديو يظهر شكاوى العاملات المنزليات اللواتي يناشدن المملكة المتحدة لإصدار قوانين جديدة للعاملات، تدعو إلى الحفاظ على حقوق ثمانية ملايين عاملة منازل حول العالم. وتضيف بيغونيا «نمتلك الفرصة الآن لتحدي المملكة المتحدة أمام العالم، وحتى يمكننا وضع وصمة عار في جبين هذه الحكومة».
ويتوقع أن تقدم وزارة الداخلية مشروعات قوانين حول العبودية خلال الأسابيع المقبلة، تهدف إلى زيادة العقوبة ضد من يرتكب هذه الجريمة، بحيث يمكن أن تصل إلى السجن المؤبد، وتشكيل لجنة مناهضة للعبودية. ولكن من دون تغيير في التأشيرة المرتبطة، ويرى الناشطون أن العديد من العاملات في المنازل لن يبلغن عن المعاملة السيئة التي يتعرضن لها، ولن يقدمن شهادتهن للمحكمة بسبب الخوف الشديد. وتؤكد بيغونيا أنه «كلما كانت العاملات ضعيفات زادت الحاجة إلى حمايتهن».
وتعهد حزب العمال الريطاني بإعادة التأشيرة القديمة. وتقول وزيرة الداخلية في حكومة الظل يفيت كوبر «وعدت الحكومة بإصدار تشريعات جديدة لمعالجة الاستعباد العصري، لكن يجب عليها المراجعة السريعة لعملية إصدار تأشيرة الزيارة للعاملة المنزلية».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news