برازيليون يُجْبَرون على مغادرة بيوتهم لشق طريق إلى الألعاب الأولمبية
قبل 20 شهراً على انعقاد الدورة الأولمبية في ريو دي جانيرو عام 2016، تشعر آنا لوسيا ريبيرو داسيلفا (28 عاماً)، بأنها الخاسر الأكبر من هذه الدورة، لأن هذه المرأة وأطفالها الثلاثة وزوجها، تم إخراجهم من بيتهم لتشييد طريق «ترانس أولمبيكا» مكانه، عبر الحي الفقير الذي يعيشون فيه، والذي يبعد بضع دقائق عن ساحة الأولمبيات الرئيسة، إضافة إلى الشقق والعقارات الأخرى، التي تم بناؤها حول المكان. تقول داسيلفا، وهي تقف في الحارة التي توجد بها شقة عائلتها، إضافة إلى مبانٍ أخرى تمت مصادرتها لإزالتها: «لقد أثرت الدورة الأولمبية فينا سلباً، لأن الطريق يمر بصورة مباشرة فوق بيتنا، ولا أعتقد أن ذلك ضروري، لأن ثمة طرقاً أخرى لإنجاز ذلك». وأضافت، وهي بحالة استسلام أكثر مما هو غضب أو يأس: «ترعرعت مع أطفال الجيران، وأطفالي كبروا أيضاً مع أطفالهم، ونحن نرغب في البقاء هنا، لكن يتعين علينا الآن العيش في أماكن متفرقة».
وتنفق البرازيل على هذه الألعاب الأولمبية ببذخ، حيث يتوقع أن تنفق نحو 15 مليار دولار، من أجل التحضير لها، وتهدف حكومة هذا البلد من هذه المناسبة أن تظهر للعالم أنها أصبحت عملاقاً اقتصادياً عالمياً. ولكن بالنظر إلى تأخير أعمال البناء، وقضايا أخرى متعلقة بالتلوث وإخلاء المنازل من سكانها، فإن التحضير من أجل أكبر عرس رياضي عالمي يسبب من الاضطراب والجدل أكثر مما نجم عن بطولة كأس العالم لكرة القدم، التي أقيمت العام الماضي.
وتقضي الخطة بإخراج نحو 3000 عائلة من منازلها، لتفسح المجال أمام البنية التحتية، التي يتم بناؤها من أجل الدورة الأولمبية، وذلك حسب الأرقام الصادرة قبل عامين من قبل اللجنة الشعبية في ريو دي جانيرو لكأس العالم والألعاب الأولمبية. ويعتقد على نطاق واسع أن مثل هذه الأحداث الضخمة تدمر الحياة في الأحياء الفقيرة، ويستخدم الساسة لوصفها مصطلح «التطهير الاجتماعي» لصالح الأثرياء البرازيليين.
وحدثت مثل هذه المصادرات قبل الدورة الأولمبية في سوتشي بروسيا، والعديد من الألعاب الأخرى قبل ذلك. لكن إنشاء مثل هذا الطريق في أحياء مكتظة بالسكان، يمثل موضوعاً متفجراً في هذه المدينة منذ سنوات عدة. وتعتبر أعمال المصادرة مضرة بصورة خاصة، لعدم توافر الكثير من البدائل السكنية الرخيصة أمام العائلات الفقيرة. وعلى سبيل المثال، فإن عائلة دا سيلفا لا تستطيع شراء منزل جديد، لأنها تكسب 700 دولار شهرياً فحسب، في مدينة تكون فيها نفقات المأكل والملبس باهظة، ولا تقل عما هي عليه الحال في كندا.
وسينجم عن شق طريق ترانس أوليمبكا تقطيع العديد من المنازل بصورة عشوائية، في منطقة جاكاريباغوا إلى النصف. وسيتعرض مطعم هيرالدو بيزينا داسيلفا، الذي يدعي أنه يقدم أفضل دجاج مشوي في ريو دي جانيرو للإغلاق. وبناء عليه فإن بيزينا داسيلفا سيضطر وعائلته للبحث عن الزبائن في مكان آخر، لأن الطريق المنشود سيؤدي إلى قطع ثلاثة أمتار من مقدمة المطعم.
ويوجد نحو 600 حي فقير في ريو دي جانيرو، حسب ما تقول الحكومة البرازيلية. وتشير بعض التقديرات الأخرى، التي تعتبر هذه الأحياء عبارة عن «مدن داخل المدينة»، أن تعداد هذه الأحياء يصل إلى نحو 1000 حي، وبعضها بعيد، ويتسم بسمعة سيئة، نتيجة الأنشطة الإجرامية التي تقوم بها العصابات هناك، إضافة إلى أعمال القتل، حتى أن سائقي التاكسي يخشون الدخول إليها.
وتتنوع العروض، التي تقدمها الحكومة إلى العائلات التي ستتعرض منازلها للهدم، استناداً إلى دخلها وحجم منزلها. وبصورة عامة، يتعين عليهم الاختيار بين الحصول على مبلغ 24 ألفاً و800 دولار، أو شقق جديدة، لكن أصغر من منازلهم، في منطقة تبعد نحو 10 كيلومترات عن مركز المدينة.
وتقول ديس إبرشيدا ألفيس، وهي جارة آنا لوسيا ريبيرو داسيلفا، بعد أن جمعت معظم أمتعتها واستعدت للرحيل: «لطالما كان حلمي هو الحصول على منزل جميل فيه فسحة كبيرة، لكنني لم أتمكن من الحصول على ما هو أكبر من هذا المنزل. وقد اشتريته قبل 30 عاماً. وفيه علمت أبنائي عمل الخير، وقول الحقيقة، وعدم قتل أي شخص».