«المعارك الافتراضية» تؤجج الصراع في سورية

لم تهدأ المدافع والرشاشات منذ سنوات في سورية، كما لم يتوقف الناشطون على شبكة الإنترنت عن التراشق في معارك افتراضية حامية الوطيس. وفضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت ساحة للهجوم والدفاع والدعاية المضادة، تنشر مواقع محترفة تسجيلات وصوراً، لتوثيق انتهاكات الأطراف المتحاربة للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان.

لقد باتت هذه المعارك الافتراضية تسهم، إلى حد كبير، في تأجيج الصراع الدامي في سورية، واتخذت هذه المعارك أبعاداً سياسية وطائفية، لا تقل شراسة وتطرفاً عن مواقف الأطراف المتحاربة على الأرض. وبينما يدعم معلقون ومدونون نظام بشار الأسد وروسيا التي تسانده؛ يقف آخرون موقفاً مضاداً مشيدين بتركيا. وتصل السجالات في أحيانٍ كثيرة إلى السب والشتم وحتى التكفير، ولا تلبث التعليقات حول المواقف السياسية المتناقضة أن تتحول إلى تعليقات، تحمل الكراهية والتحريض بين الطوائف السورية المختلفة.

وبينما ينشغل معظم «المقاتلين الافتراضيين» بنشر الأكاذيب والكراهية، يهتم عدد قليل من الناشطين بمعاناة السوريين، جراء استمرار القصف والمعارك والحصار، وتتضمن المقاطع والصور التي ينشرونها مشاهد قاسية، ويصمد هؤلاء أمام موجة الفتنة الطائفية الجارفة، التي قسمت الشعب السوري إلى طوائف يتخندق كل منها في زاوية، إذ باتت الثقة مفقودة بينها.

وتتركز التغريدات، على موقع «تويتر»، على مهاجمة الجهات المتصارعة في النزاع السوري بعضها بعضاً، ليتحول الموقع إلى منصة تعبئة عامة ونشر الدعاية، ونظراً لأهمية هذه المنصة، يستخدم هذه المواقع كل من النظام السوري، والجماعات المناوئة له، وحتى الناشطون في بلدان معنية بالصراع السوري.

ويؤكد خبراء في مجال المعلوماتية أن دولاً أو جهات تكلف أشخاصاً بإطلاق التعليقات، ومع تداول هذه التعليقات تصبح منتشرة بشكل كبير، خصوصاً أن طبيعة مواقع التواصل الاجتماعي تسهل ذلك.

وعلى الرغم من أن التأكد من صحة وصدقية الأخبار، التي تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، يعتبر أمراً صعباً، إلا أن مفعولها يكون له أثر كبير. والواقع أن الأطراف المتنازعة تستخدم بشكل متزايد المنصات الإلكترونية للتحريض الطائفي، لتحقيق مزيد من التعبئة، وحشد المواقف، وتستفيد في ذلك من قلة الوعي لدى المتلقين.

الأكثر مشاركة