بعد 34 عاماً من تعرضهن للاستعباد والظلم

نساء في غواتيمالا يُودِعْن ضابطين كبيرين السجن

استعانت هؤلاء النسوة بمنظمات حقوق الإنسان. أرشيفية

منذ 34 عاماً، ترغب السيدة الغواتيمالية، بيترونا تشوك كوك، في الوصول إلى أروقة المحكمة كي تقدم شهادتها. وانضمت السيدة تشوك إلى 10 نساء أخريات من قرية سيبر زاركو، التي يقطنها سكان أصليون من قبائل المايا، في العاصمة غواتيمالا، لتقديم شهادتهن بشأن الجرائم التي ارتكبت ضدهن منذ نحو ثلاثة عقود، في ذروة الحرب الأهلية بالبلاد. ووصفت بيترونا كيف اقتحم جنود من القاعدة العسكرية المجاورة منزلها، واقتادوها مع جميع النساء في القرية وعاملوهن كالعبيد، وأجبروهن على الطبخ والتنظيف، كما قاموا باغتصابهن بصورة متواصلة. وقالت بيترونا في شهادتها: «طلب منا الجنود أن نغتسل، ومن ثم جاء رجل بدين واغتصبنا، وتبعه عدد آخر من زملائه الجنود، وبقينا نعاني ذلك بصورة يومية».

وقالت مايرا ألاكرون، الممثلة المحلية لمشروع خدمات الاستشارة، وهي إحدى منظمات حقوق الإنسان، التي تقدم الدعم إلى نساء قرية سيبر زاركو: «حدث ذلك بفضل إصرار الضحايا على جلب هؤلاء، الذين انتهكوا حرماتهن إلى المحكمة، كي تنكشف الحقيقة». وأضافت «أنها نتيجة مثابرة المنظمات، التي قدمت الدعم للنساء، خلال السنوات الطويلة السابقة، إضافة إلى التغيرات المهمة التي حدثت في النظام القضائي، مثل افتتاح محكمة جديدة».

شهادات مقلقة

كانت شهادة النساء مقلقة، لكنها صنعت التاريخ أيضاً، إذ كانت المرة الأولى، التي تستطيع فيها محكمة وطنية سماع تهم الاغتصاب الجنسي والاستعباد، التي تم ارتكابها خلال الحرب الأهلية. وفي واقع الأمر وصلت القضية إلى المحكمة ببطء شديد، وهي تمثل خطوة تقوم بها البلاد، خلال الجهود التي تبذلها لمواجهة تاريخها العنيف، فقد نالت الضحايا فرصة مواجهة من أجرموا بحقهن، والذين وجدتهم المحكمة قد ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية، خلال جلسة عقدت يوم الجمعة الماضي، وحكمت عليهم بالسجن لمدة 100 عام.

وتعتبر غواتيمالا الدولة الرائدة في أميركا الوسطى، في استخدام نظامها القضائي، لإحقاق الحق لضحايا الحرب الأهلية، والكشف عن الجرائم التي تم ارتكابها في هذه المرحلة من تاريخ البلاد، إضافة إلى أعمال الفساد المرتكبة في أيامنا الحالية، والتي تحظى بالدعم الأكبر من مؤسسة «لجنة ضد الحصانة»، المدعومة من الأمم المتحدة. لكنها لا تقوم بذلك وحدها، إذ إن السلفادور قامت بخطوات مهمة هذا الشهر، عندما قامت باعتقال أربعة من أصل 17 مسؤولاً عسكرياً سابقاً، مطلوبين من قبل إسبانيا، بتهمة قتل ستة من رجال الدين عام 1989، خلال الحرب الأهلية في السلفادور. ويقول مايك إليسون، الخبير بأميركا الوسطى في جامعة سكرانتون بولاية بنسلفانيا: «أعتقد أنه يوجد احترام للعملية الديمقراطية في غواتيمالا والسلفادور، أكثر مما كانت عليه الحال قبل 20 عاماً». وأضاف «ما نراه هو مرحلة انتقالية، تحوي شبكات دفاع عن حقوق الإنسان، وتدفع نحو العدل».

وأصبحت غواتيمالا رمزاً للإصلاح القضائي، بعد إنشاء جمعية «لجنة ضد الحصانة» عام 2007، المدعومة من الأمم المتحدة، ووجود المدعية العامة السابقة كلوديا بازي باز، التي تسلمت هذا المنصب في الفترة بين 2010 و2014.

وبدأ الطريق المؤدي نحو العدالة والإنصاف، بالنسبة لنساء سيبر زاركو عام 2010، عندما استعانت هؤلاء النسوة بالمنظمات المدافعة عن حقوق السكان الأصليين، لرواية قصصهن على الملأ. وبعد مرور عام، رفعن قضية ضد قائد القاعدة العسكرية السابق، استيلمر رييس جيرون، والمفوض العسكري المحلي السابق هربرتو فالدير أسيج، اللذين رتبا عملية اغتصاب النسوة واستعبادهن. وطالبت النيابة العامة بتوجيه تهمة السجن لمدة 1290 عاماً إلى رييس جيرون و340 عاماً إلى فالديز، لكن المحكمة وافقت على عقوبة السجن 120 عاماً للأول و240 عاماً للثاني.

وأحد الأسباب التي جعلت قضية سيبر زاركو تتحرك بسرعة، مقارنة بغيرها من القضايا، مثل قضية ريوس مونت (جنرال تحول إلى رئيس لغواتيمالا)، يتمثل في الأشخاص المتورطين فيها، حسب ما قاله المراقبون، إذ إن قضية مونت كان يمكن أن يكون لها صدى أكبر، لأنها تتعلق برتب عسكرية سابقة وأفراد من علية القوم، بمن فيهم أشخاص يحتلون الآن مناصب رفيعة في الحكومة، أو القطاع الاقتصادي، أما قضية سيبر زاركو، فإن المتورطين فيها جنود سابقون برتب منخفضة.

تويتر