المرصد
«موت» صحيفة ورقية
توقفت أخيراً النسخة الورقية من صحيفة الإندبندنت عن الصدور، بعد ما يقرب من 30 عاماً من الانتشار. ويعتبر «موت» النسخة الورقية من هذه الصحيفة ونظيرتها الأسبوعية «ذي اندبندنت أون صنداي»، ضربة قاسية للمشهد الإعلامي البريطاني، الذي تتنافس فيه وسائل الإعلام بشراسة. وفي أوج ازدهارها في أواخر ثمانينات القرن الماضي وصل توزيع نسختها الأسبوعية الى 400 الف نسخة، لتصل اليوم الى اكثر قليلاً من 40 الف نسخة. حاولت الصحيفة قبل اختفائها في عالم الانترنت أن تضع عنواناً مناسباً تكسر من خلاله حدة لحظات الوداع، فكتبت على آخر نسخة ورقية لها «أول صحيفة وطنية تنتقل الى المستقبل الرقمي»، الا أن مالك الصحيفة، يفغيني ليبديف، برر تحول الصحيفة الى إلكترونية لأسباب اقتصادية، ويعتقد المحللون ان قرار التوقف عن الصدور ورقياً، يستند إلى انخفاض مبيعات الصحيفة.
ليست «الإندبندنت» الصحيفة البريطانية الوحيدة التي تكافح من اجل البقاء على قيد الحياة، فقد أعلنت مجموعة الغارديان الإعلامية الشهر الماضي، انها تسعى للحد من ارتفاع الكلفة بمعدل 20%، وسط مخاوف من صمود موارد تمويلها. وعزت الصحيفة هذا الوضع الى تدني الإعلان الورقي، وتدني العائد الرقمي الذي لا ينمو بسرعة كافية، والتكاليف الباهظة لتوسعها دولياً.
أسس «الإندبندنت» ثلاثة صحافيين في عام 1986، وأصبحت مقراً للمواهب الصحافية مثل الكاتب الصحافي البريطاني الشهير، روبرت فيسك، مراسل الشرق الأوسط للصحيفة لفترة طويلة، وأندرو مار، المذيع والمؤرخ المشهور. وتخرجت على يديها الروائية، هيلين فيلدينغ، التي تحول عمودها اليومي «يوميات بردجيت جونز» بفضل الصحيفة، من مجرد عمود مغمور، الى أفضل عمود صحافي على الإطلاق.
وعبر الصحافيون عن «موت» النسخة المطبوعة بمزيج من الفخر لما كانت عليه الصحيفة بالأمس، وشيء من الأسى على مصير الصحيفة. وعبر أحد العناوين الرئيسة في صحيفة (الغارديان) «الإندبندنت صحيفة قتلتها الإنترنت». وهو المعنى نفسه الذي اطلق نائب تحرير اليوميات بصحيفة «الديلي ميل»، رتشارد ايدن، على غراره تغريدة، مخاطباً القراء «اذا اردتم أن تستمر الصحيفة الورقية اشتروا نسخة منها».
اختفاء صحيفة الإندبندنت الورقية، وتحولها الى إلكترونية يؤذن، كما يرى بعض الصحافيين، بموت «فليت ستريت» شارع الصحافة في العاصمة البريطانية، لندن. ويعتبر اختفاؤها ايضاً أقوى إشارة حتى الآن إلى أن استخدام الحبر في الكتابة أصبح في ذمة التاريخ، مثلما حدث من قبل لاستخدام ريش الطيور كأداة للكتابة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news