مهاجرون غير شرعيين يموتون خلال عبورهم حدود أميركا
يتعرض مئات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين للموت أو الاختفاء إلى الأبد خلال عبورهم الحدود البرية الأميركية، وكثيراً ما يتم اكتشاف بقاياهم في المناطق الصحراوية. وأوردت صحيفة «ديلي سيغنال» تقريراً وافياً عن بعض هذه الحالات، إذ سافر أحد صحافييها إلى مقاطعة تكسون بولاية أريزونا، حيث توجد مشرحة تتولى فحص بقايا المهاجرين بأحدث الأساليب العلمية، للتعرف إليهم، وإبلاغ أسرهم بذلك فيما بعد. ويقول الطبيب الذي يتولى الفحص، غريغوري هيس «استطعنا أن نجمع منذ عام 2001 أكبر عدد من رفات عابري الحدود مجهولي الهوية في كل أجزاء الولايات المتحدة، واكتسبنا خلال كل ذلك خبرة جيدة في فحص بقاياهم»، ويمضي قائلاً «لدينا نحو 2500 رفات لأشخاص مجهولين منذ 2001 نعتقد أنها تخص أشخاصاً أجانب، واستطعنا أن نحدد هوية 1700 منهم، ما يعني نسبة 65%». ويقول الطبيب إن ذلك يعني أن هناك 900 شخص لم يتم تحديد هويتهم حتى الآن.
ويقول قائد سلطات الجمارك وحماية الحدود الأميركية، بول بيسون «نهتم كثيراً بالحياة الإنسانية، ولدينا مجموعة من البرامج التي تساعدنا في التعامل مع المهاجر غير الشرعي، الذي يتعرض لمشكلة أثناء عبوره هذه الصحارى الموحشة، ونعتقد أنهم يضعون أنفسهم في مشكلة، وأن مهربي البشر يعرضونهم للخطر».
ويعتبر عبور الحدود الأميركية ــ المكسيكية بطريقة غير شرعية أمراً محفوفاً بالمخاطر، وتؤكد سلطة الجمارك وحماية الحدود أن هذا الجزء من الحدود شهد ارتفاعاً شديداً في حالات الوفاة وحالات الإنقاذ للمهاجرين غير الشرعيين، فخلال العام الماضي استطاع حرس الحدود إنقاذ أكثر من 310 أشخاص، ووجد أكثر من 150 جثة في ريو غراند فالي، فالكثير من هؤلاء المهاجرين الذين يلقون حتفهم في هذا الجزء من ولاية جنوب تكساس، يتم دفنهم في قبور عادية، ويعرفون فقط بجنسهم ورقم الحالة، واسم المنطقة التي ماتوا فيها.
في مكتب مقاطعة بيما الطبي، توجد أكبر مجموعة في البلاد من تقارير المهاجرين المفقودين، الذين اختفوا أثناء عبورهم الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، واستطاع هذا المكتب أن يحدد هوية العديد من رفات المفقودين، من بينهم أندريس فالنزويلا كوتا، حيث يمثل التعرف إلى بقاياه فرصة لأسرته لفتح صفحة جديدة في الفصل الحزين من تاريخ العائلة. وكان كوتا يبلغ من العمر 45 عندما اختفى في 15 يوليو 2011، وكان آخر عهد أقربائه به عندما اتصل هاتفياً بابنة أخته في لوس أنجلوس، وطلب منها أن ترسل إليه مبلغ 100 دولار عبر مكتب ويسترن يونيون في كانانيا، بالمكسيك، وهي نقطة انطلاق يستخدمها مهربو البشر الذين يدخلون المهاجرين عبر ولاية أريزونا.
ويعتقد المحللون والمنتقدون لسياسة الولايات المتحدة في هذا الشأن أن الإجراءات المشددة التي تتخذها الحكومة الأميركية على الحدود، تدفع المهاجرين إلى البحث عن مزيد من الطرق النائية والخطرة، حيث حدث أكبر عدد من الوفيات العام الماضي على طول امتداد الصحراء، التي تمتد من أقصى جنوب قطاع حرس الحدود في توكسون. المنطقة الأكثر خطورة هي قطاع ريو غراندي فالي في ولاية تكساس، حيث عثر ضباط إنفاذ القانون من الأول من أكتوبر وحتى 30 أبريل، على جثث 77 من المهاجرين، كما أن أكثر من نصف عدد الجثث تم اكتشافه هناك العام الماضي.
ولسنوات عدة ظل التعرف إلى رفات المتوفين بعيد المنال، لأن هناك عدداً قليلاً جداً من القرائن. ولم يكن من الممكن سوى تحديد عدد قليل من المهاجرين من المجتمعات الريفية الفقيرة من خلال سجلات أسنانهم، ولا يمكن الاعتماد على بطاقات الهوية التي يتم العثور عليها في جيوبهم، لأنها غالباً ما تكون مزورة.