إسرائيل «تشارك» في انتخابات النمسا
ظلت المنافسة السياسية بين الأحزاب النمساوية بعيدة عن الحملات الانتخابية المسيئة، إلى أن اختار الحزب الاشتراكي تغيير قواعد اللعبة. وقد عرفت الأساليب الدعائية السلبية طريقها إلى النمسا، بعد تراجع التوافق على منافسة الأفكار والقضايا، إذ لجأ أعضاء في التيار الاشتراكي إلى تشويه الحزب اليميني الفائز في انتخابات الأحد، من خلال حملة متناقضة على «فيس بوك». وبينما كان التشويه الانتخابي مقتصراً على الولايات المتحدة في السنوات الماضية، يبدو أنه قد وجد طريقه إلى عدد من البلدان الأوروبية. ونشر أحد المواقع الشهيرة على الإنترنت تقريراً، يتهم زوجة المستشار النمساوي بالقيام بمعاملات تجارية مشبوهة، بينما استعان الحزب الاشتراكي بخبير إسرائيلي، متخصص في العلاقات العامة يدعى فال سيلبرشتاين، لإجراء أبحاث وتحاليل لصالح الحزب. وقد أطلق الخبير الدعائي الإسرائيلي صفحات وهمية على موقع «فيس بوك» باسم الحزب اليميني، ونشر عليها عبارات متطرفة ومعادية للسامية؛ وأخباراً عن تسهيل جهات حكومية، لدخول أعداد كبيرة من المهاجرين بطريقة مشبوهة.
لقد كانت صدمة كبيرة بالنسبة للمتابعين للمشهد السياسي في النمسا، التي حاولت خلال العقود الثلاثة الماضية، تجنب الانتقادات في ما يخص معاداة السامية، وأدرجت قوانين صارمة تجاه كل من يتخطى الحدود، بما في ذلك إنكار المحرقة على يد النازيين الألمان.
ولسوء الحظ، تم توقيف سيلبرشتاين في إسرائيل، أخيراً، لكن بتهمة غسل الأموال. وخلال التحقيق معه في قضية التدخل في الانتخابات النمساوية الأخيرة، اعترف خبير العلاقات العامة بأنه أنشأ وفريقه الإسرائيلي المتخصص، صفحات على الموقع الاجتماعي باسم شخصية في الحزب اليميني، دون علمه، وبأن الهدف من ورائها هو جمع المعلومات، واختبار مفعول الرسائل الانتخابية. في المقابل، نفى أن يكون قد حاول زرع الفتنة في المجتمع النمساوي، أو نشر خطابات الكراهية.
وقد اشتكى العديد من الصحافيين النمساويين، أخيراً، إلى الشرطة، مدعين أن أفراداً متصلين بالفريق الإسرائيلي، يتبعونهم بطريقة تشبه وكالات التجسس. ونقلت الصحيفة النمساوية «كرونين تسايتونغ» أنه ليس مستبعداً أن «يتبع الصحافيون جهاز استخبارات خاصاً، يقال إنه يوظف أعضاء سابقين في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية». وهكذا تكون هذه الأجهزة تقوم بأعمال عدوانية على أراضي النمسا مستغلة العالم الافتراضي، من أجل تعكير صفو الحملة الانتخابية. إلا أن المواطن النمساوي بات محصناً ضد مثل هذه الحملات المشبوهة، التي لن تؤثر في موقف الناخب النمساوي، الذي يبدو أنه اختار مستشاراً جديداً، يمكن أن يغير موازين القوى في المشهد السياسي.
وحاول معارضو وزير الخارجية الشاب سباستيان كورتس (31 عاماً)، الذي قد يصبح أصغر زعيم في أوروبا والعالم، تشويه سمعته، من خلال «حملة انتخابية قذرة» على «فيس بوك»، علماً بأن خصوم السياسي الشاب لم يستعينوا بشركة علاقات عامة محلية أو أوروبية، بل استعانوا بخبير إسرائيلي يعرف جيداً كيف يصطاد في المياه العكرة، وقدم خدمات مهمة لرئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، إلا أنه من المستبعد أن تثمر جهود خصوم كورتس، لأن الرأي العام في النمسا أدرك اللعبة، ويبدو أنه سيختار حزب المحافظين المتشدد بقيادة كورتس، لأنه ضاق ذرعاً بالمهاجرين، وطريقة تعاطي الحكومة الحالية مع المشكلات الناجمة عن وجودهم في البلاد.