مطعم خيري في بريطانيا يساعد رواده على التواصل
يبدأ طابور منظم في التشكل مساء كل خميس، قرب كنيسة القديس كريستوفر، في ضاحية سنينتون بمدينة نوتنغهام، لدخول المطعم الخيري هناك. الأمر يتعلق بالأمهات مع أطفالهن الصغار، والبالغين والأطفال من أصحاب الإعاقة، وكبار السن الذين لا يفضلون تناول طعامهم في المنزل بمفردهم. الجميع يبدو جائعاً وسعيداً لرؤية بعضهم بعضاً، وتناول الوجبة المفضلة لديهم. تأسس المطعم قبل ثلاث سنوات، من قبل ستيفن دويغ، الذي يعيش في الضاحية المحرومة اقتصادياً. كان المطعم الصغير بالنسبة للطاهي وسيلة للتعامل مع الاكتئاب الذي أصابه بعد وفاة ابنه جوردن، البالغ من العمر 13 عاماً.
المشاركة في الافراح والهموم اعتادت ليزا أسبيل وابنتها البالغة من العمر ثماني سنوات المجيء إلى المطعم الخيري، وتفضلان الجلوس إلى جانب المسنين، لمشاركتهم أفراحهم وهموهم. وتوضح ليزا (43 عاماً): «أعاني أحياناً القلق، والمطعم بات جزءاً من حياتي». أما مدرّسة الرياضيات، هانا يوليكو (36 عاماً)، فتقول «ارتيادي لهذا المطعم ساعدني كثيراً في التغلب على العديد من المصاعب، والآن أنا هنا لتقديم الدعم للآخرين». |
ولأنه كان دائم الاستمتاع بالطبخ، فقد أنشأ مطعماً لخدمة مجتمعه في ساحة غروين بالمدينة، ولتحقيق هذا المشروع الخيري، استعان الطاهي بجمعية «فير شير» الخيرية لتزويده بالطعام المطلوب، والآن، يتلقى ستيفن شحنات نصف شهرية من الجمعية التي يدعمها. ويوفر ستيفن الطعام لنحو 70 شخصاً من البالغين والأطفال من مختلف الألوان والاحتياجات والخلفيات، كل أسبوع، وقبل أسبوعين، سجل أكثر أيامه ازدحاماً من أي وقت مضى.
وتقوم جمعية «فير شير» بجمع الطعام الفائض عن الحاجة من المنازل والمطاعم، ونقله إلى مطعم ستيفن، وأماكن أخرى في بريطانيا. ويقول صاحب المطعم «هذا الطعام الذي يتخلص منه البعض، يجمع الناس هنا، ويكسر الحواجز بينهم، ويجعلهم يتحدثون ويتحدون الوحدة»، متابعاً «يمكن للعائلات ذات الدخل المتدني أن تأتي إلى المطعم، وتناول وجبات شهية مقابل أقل من 10 جنيهات لأربعة أشخاص».
وفقاً لـ«فير شير»، فإن 500 ألف شخص معرضين للخطر يستفيدون من وجبات الجمعية على مستوى بريطانيا، بهذه الطريقة، كل أسبوع، وفي الوقت نفسه توفر الجمعيات الخيرية التي تعمل معها - وكثير منهم يسدون بالفعل نقصاً في تمويل السلطة المحلية - 30 مليون جنيه إسترليني سنوياً.
ويتم كل هذا ببساطة عن طريق إعادة استخدام الطعام الجيد، بدلاً من إلقائه في القمامة. وفي الوقت الحاضر، يتم هدر أكثر من 400 ألف طن من المواد الغذائية في المملكة المتحدة، كل عام. ويقول ستيفن إنه مندهش، بسبب نوعية الغذاء الذي ترسله «فير شير»، والذي بدوره يتحول إلى وجبات مغذية. كل من يأتي إلى المطعم المجتمعي يدفع 2.50 جنيه إسترليني لوجبة من ثلاثة أطباق، في حين يحصل الأطفال على تخفيض يقدر بنصف جنيه.
يقول ستيفن «لن يكون بمقدوري إعداد وتوفير كل هذه الوجبات للمحتاجين بشكل منتظم، من دون (فير شير)»، متابعاً «ما يفعلونه في هذه الجمعية لا يمكن أن يوصف إلا بأنه رائع». ويأتي الناس إلى المطعم الخيري لأسباب مختلفة، ومعقدة أحياناً، ويأكلون في مجموعات صغيرة، ويستغلون اللحظات التي يقضونها في المكان لتجاذب أطراف الحديث.
تعتبر كايلي تايت، البالغة من العمر 15 عاماً، وجدتها جوان سلمون، من الزبائن الدائمين للمطعم، ودأبا على المجيء كل خميس منذ افتتاحه. وفي ذلك تقول جوان (67 عاماً)، إن «الصحبة تهمني أكثر من أي شيء آخر»، مضيفة «أنا وحفيدتي لا نخرج كثيراً، وهذا المكان يوفر لنا فرصة للتواصل مع الآخرين». وبالنسبة للطفلة كايلي، التي تدرس في أكاديمية نوتينغهام، فإن تذوق النكهات المختلفة في مطعم ستيفن، قد ألهمها أن تصبح طاهية في المستقبل. وتمكث الطفلة مع جدتها ساعات طويلة في المطعم، وتجدان الفرصة لتذوق مختلف الأكلات كل خميس.