لاجئون حالمون بدخول أوروبا يتكدسون في جزيرة يونانية معزولة
وسط وادٍ تتناثر فيه أشجار الزيتون العتيقة بجزيرة ليسبوس اليونانية، يوجد مخيم «موريا» للاجئين، الذي تحيط به أسوار من الأسلاك الشائكة، ويتكدس فيه المهاجرون، ويغص بأكوام مرتفعة من القمامة. كان هذا المكان في الماضي القريب بمثابة الجنة لصانعي العطلات، لكنه أصبح الآن ملجأ لـ7000 شخص من 12 دولة، محصورين في مساحة كان من المفترض أن تستوعب 2000 شخص فقط.
(موريا) هو أكثر المعسكرات ازدحاماً، حيث يعيش مئات اللاجئين في خيام خارج المخيم، وفي بستانين الزيتون، ويقطعون العديد من الأشجار من أجل الحطب. |
والآن، وبعد مرور عامين على وصول مليون مهاجر ولاجئ إلى أوروبا، أصبحت الظروف المعيشية أكثر صعوبة، مع تدفق موجة جديدة من اللاجئين والمهاجرين في الجزر اليونانية، معظمهم من سورية والعراق. وأصبح هذا العدد الضخم يشكل ضغوطاً على معسكر ليسبوس، وغيره من المخيمات في كوس، وساموس، وليروس، وخيوس.
تقول عاملة الإغاثة التابعة لمنظمة أوكسفام، سحر ملاح، والتي تعمل في المخيم، إن «الناس يعيشون في خيام لا تقيهم البرد، وهناك مخاوف كبيرة بشأن عدم وجود متطلبات صرف صحي». لا توجد مساحة كافية لكل شخص في هذه الحاويات المعدنية البيضاء، التي أنشأتها الحكومة، ولهذا السبب يعيش 3000 شخص، بمن فيهم النساء الحوامل، والأطفال حديثو الولادة، والأطفال الصغار، في خيام صغيرة تحت القماش المشمع، حيث أنشئت هذه الخيام على كل شبر من المساحة المتاحة. وفي الشتاء الماضي، سقطت الثلوج بغزارة في «ليسبوس» وتوفي خمسة أشخاص في «موريا»، اثنان منهم على الأقل نتيجة التسمم بأول أكسيد الكربون، الناتج عن التدفئة المؤقتة لخيامهم المجمدة. ومن المرجح أن يحدث ذلك هذا العام، ما لم يتم اتخاذ تدابير عاجلة. ويشبه المخيم بلدة عشوائية، حيث تغص ممراته وأزقته المتناثرة بحاويات الطعام المهملة، والحفاضات المستعملة، وعظام الدجاج، والزجاجات البلاستيكية.
بعض النساء يخشين الذهاب إلى الحمامات ليلاً، لهذا يستخدمن حفاضات الأشخاص الكبار ليتجنبن المغامرة في الظلام. وتقول ملاح: «تشعر النساء بعدم الأمان، ومن غير المقبول تماماً أن تضطر نساء لتقاسم الخيام مع رجال لا يعرفنهم ويخفن منهم، لم أرَ قط ذلك من قبل في مخيم للاجئين».
ومع تدهور الأوضاع، تسوء الصحة العقلية أيضاً، ويتمثل ذلك في الزيادة الحادة بأعداد اللاجئين الذين يزورون الأطباء النفسيين، بسبب محاولتهم الانتحار، والشعور بالكآبة، وإيذاء النفس، ونوبات الذعر. وفي غضون خمسة أيام فقط من هذا الشهر، أحيل أكثر من 100 مهاجر ولاجئ إلى عيادة للصحة النفسية في ميتيليني، المدينة الرئيسة في «ليسبوس». وتقول منسقة أحد مشروعات «منظمة أطباء بلا حدود»، أريا دانيكا: «أصبحت الجزيرة مركز احتجاز نموذجياً، وكما قال لي مريض، أخيراً، إن «موريا سجن صغير، والجزيرة السجن الكبير». الوضع يتدهور بمعدل ينذر بالخطر. وتمضي دانيكا قائلة «سئم الناس حياتهم، لأنه أصبحوا لا يعرفون كم من الوقت سيبقون هنا، لأن عملية اللجوء معقدة للغاية».
آمال بالانتقال
ورداً على هذا الازدحام المزمن، أعلنت آثينا هذا الأسبوع أنها تأمل نقل 5000 من اللاجئين الأكثر عرضة للخطر، بمن فيهم النساء والاطفال من الجزر إلى البر الرئيس. إلا أن رئيس بلدية «ليسبوس»، سبيروس جالينوس، ظل متشككاً في ذلك، ويقول «لست واثقاً بأن اللاجئين سيتم نقلهم في وقت قريب» ويعترف بقوله «الظروف في موريا مأساوية وغير إنسانية، لقد جاء الشتاء تقريباً، وحياة الناس أصبحت على المحك».
ويوجد حالياً 15 طالب لجوء في مخيمات بجزر بحر إيجه عالقون في منتصف الطريق. و«موريا» أكثر المعسكرات ازدحاماً، حيث يعيش مئات اللاجئين في خيام خارج المخيم، وفي بستانين الزيتون، ويقطعون العديد من الأشجار من أجل الحطب. ليس هناك ما يكفي من الحطب للتدفئة، لهذا السبب يحرق اللاجئون الأكياس والزجاجات البلاستيكية، ما يبعث روائح كريهة وأعمدة كثيفة من الدخان الأسود. يقول مصطفى مهيب، مهندس من كابول: «الجو بارد جداً في الليل، والطعام شحيح، وعليك أن تقف في طابور لمدة ساعتين أو ثلاث، وقد تكون الوجبة في النهاية ليست سوى كيكة».