هل يعدم ترامب مؤسس ويكيليكس؟
يتابع الإعلاميون في كل شبر على الأرض مصير مؤسس «ويكليكس»، جوليان أسانغ، الذي يضيق عليه الخناق ساعة بعد ساعة، ولا يستبعد أن نراه مخنوقاً أو مصعوقاً في «واشنطن دي سي»، بعد الحكم عليه بالإعدام، طبقاً للتهمة الموجهة إليه، بعد أن باعته البشرية كلها في لحظة، وتركته لمصيره المجهول.
جوليان أسانغ خيره «الصحافي» على الجميع، فقد كشف عبر تسريبات «ويكليكس» آلاف الحقائق في العالم، ولو كانت مخلوطة بأكاذيب، أو مبتورة، أو محوّرة، أو محوّلة، حيث أعطت هذه التسريبات دلالات ساعدت صحافيين هنا وهناك على تلمس طريقهم وكشف الباقي، ولم تكن - هذه التسريبات - على طريقة الفنان محمود عبدالعزيز في الـ«كيت كات» تخص أسراراً شخصية، ولا فرقعات فضائحية، على شاكلة ما تنشره صحف «التابلويد» الصفراء البريطانية، بل هي متعلقة بصميم قضايا الكوكب الجادة والحساسة، بدءاً من أسرار الحملات العسكرية على العراق وأفغانستان، ومروراً بصفقات التسلح.أم جوليان أسانغ، السيدة كريستيان أسانغ، تقول في حوار صحافي إنها لم تعد ترى ابنها منذ 28 مارس الماضي، لا شخصياً ولا «أونلاين»، بعد أن تم حرمانه في محبسه بسفارة الإكوادور في لندن من الإنترنت، وأن الولايات المتحدة أنفقت أموالاً طائلة على الصحافة لتصعّد الحملة ضد ابنها، وتلويث اسمه وتلطيخ سمعته. وتزيد أن «ويكليكس» الذي كان يديره ابنها يختلف عن بقية المنافذ الإعلامية لمواجهة الفساد، إذ إنه كان يواجه الفساد الأممي بارتباطاته بأشخاص متنفذين في مواقع عدة، من السياسيين إلى تجار السلاح، إلى رموز هوليوود، إلى أباطرة الإعلام الأميركي والغربي. الدلائل تقول إن تخوفات «أم جوليان» على حق، فالإكوادور التي منحت حق اللجوء السياسي لجوليان، تتراجع اليوم عن إعلانها القديم بعدم تسليمه، ورئيسها (اليساري) لنين مورينو أعلن صراحة، الجمعة الماضية، أن «بلاده بصدد مفاوضات لتسليمه»، مشيراً إلى أنه «لم يتعاطف يوماً مع أنشطته القائمة على اختراق البريد الإلكتروني الذي يخص الناس للحصول على معلومات، أياً كانت نوعيتها، لأن هناك طرقاً شرعية لذلك»، وأنه ــ أي جوليان أسانغ - «مجرد هاكر»، لكن في الوقت نفسه تشير الإكوادور في تصريحات عامة إلى أنها «حريصة على حياته»، بمعنى أنها يمكن أن تسلمه إلى بريطانيا التي ستسلمه بدورها إلي الولايات المتحدة، بعد أن تقدم الأولى وعداً بأن تحصل من الثانية على تعهد بعدم إعدامه.
جوليان أسانغ في وضع خطر، فهو يواجه تهماً كافية لشنقه مرات عدة قانوناً، إذا وقع تحت يد خصومه، لكنه يواجه خطر الاغتيال أضعافاً مضاعفة من خارج دائرة القانون، إذا خرج من مكمنه، وظل طليقاً، وأصبح دون أن يدري داخل مجال قدرتهم الانتقامية.
فالشاب الذي هرب من بيت أبويه صبياً 35 مرة، وقبل أن يبلغ عامه الـ14، مطلوب في السويد بتهمة الاغتصاب والتحرش الجنسي، والاستخدام غير المشروع للقوة لممارسة الجنس في السويد، ومطلوب في حكم للمحكمة البريطانية، كادت بريطانيا أن تقتحم سفارة الإكوادور في لندن بسببه، ومطلوب بتهمة التجسس في الولايات المتحدة الأميركية، كما أنه متهم بـ«إنكار الهولوكست»، وبـ«معاداة السامية».
المقلق في وضع أسانغ هو رفع الإكوادور غطاء حمايتها عنه، في لحظة صراعية خاصة جداً في الولايات المتحدة، حيث التجاذب يتم علناً بين إدارة ترامب والدولة العميقة الأميركية، وبين ترامب والإعلام الذي لا يحمل له الرئيس الأميركي أي ود، فإذا ما أضفنا إلى ذلك كله أن أسانغ نفسه متهم بتورطه في الانتخابات الأميركية، وبأنه عميل روسي، ألا يدفعنا ذلك إلى عدم استبعاد أن نرى الرجل الذي صنع لنا أروع خبطات صحافية ضد كل متنفذي العالم على حبل المشنقة قريباً؟