ما صنع الحداد بين ترامب ووسائل الإعلام
لا يخفى على أحد العداء الذي يناصبه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وسائل الإعلام والإعلاميين، والذي رسم حدود العلاقة بينه وبين السلطة الرابعة منذ دخوله البيت الأبيض في يناير 2017، فكثيراً ما وصف ترامب أخبار بعض الصحف والمحطات الإخبارية التي يكن لها عداء مستحكماً بـ«الأخبار الزائفة». تمخض هذا العداء عن الكثير من الحوادث الطريفة والمحرجة، ولعل أطرف حادثة ما تناقلته وسائل الإعلام من أن ترامب استشاط غضباً عندما رأى زوجته، ميلانيا ترامب، وهي تشاهد محطة «سي إن إن»، أحد ناقلي «الأخبار الزائفة»، على حد رأيه، خلال أول رحلة لهما خارج البلاد على متن الطائرة الرئاسية «إير فورس ون»، وقرّع زوجته على ما أقدمت عليه، ولام فريقه لانتهاكه قاعدة ذهبية، وهي أنه يجب على طاقم البيت الأبيض أن يشاهدوا في كل رحلة محطة فوكس نيوز، وهي الشبكة التي يفضّلها على ما يعتبره «أخباراً زائفة» من محطات مثل «سي إن إن». ووصل به الحد إلى منع مراسل شبكة «سي إن إن» من الدخول إلى البيت الأبيض، وألغى ترخيصه، إلا أن المراسل استطاع أن يعود إلى البيت الأبيض بقوة القانون، وليس بمشيئة ترامب.
ويؤكد بعض المصادر أن ترامب ذكر عبارة «أخبار زائفة» أكثر من 190 مرة العام الماضي. ويقول مقدم البرامج بمحطة «سي إن إن»، براين ستلتر، إن ترامب ذكر عبارة «أخبار زائفة» أكثر من 200 مرة في تغريداته عام 2018. وكان معظم التغريدات حول مصادر الأخبار الحقيقية والموثوقة، مثل برنامج «60 دقيقة»، و«نيويورك تايمز».
الاحتكاكات بين ترامب ووسائل الإعلام لا تحصى ولا تعد، وليس هنا مجال حصرها، ففي أواخر العام الماضي طالعتنا الأخبار بأن ترامب ابتهج لدى علمه بإغلاق مجلة الويكلي ستاندرد، التي تنتمي إلى التيار المحافظ، والتي كثيراً ما انتقدت ترامب وقضّت مضجعه، وأقلقت منامه، وسرعان ما لجأ إلى حسابه في «تويتر» ليحتفل بهذه المناسبة بطريقته الخاصة، وعلّق قائلاً «مجلة ويكلي ستاندرد، المثيرة للشفقة، الكاذبة والمضللة، التي يديرها الفاشل بيل كريستول، أصبحت مفلسة تماماً، وفي طريقها للإغلاق، مؤسف جداً، أتمنى أن ترقد بسلام!».
السبت الماضي، استغل ترامب تعليقات وانتقادات رئيسة التحرير التنفيذي السابقة في صحيفة نيويورك تايمز، جيل ابرامسون، لهذه الصحيفة، وتحيز الصحيفة ضد ترامب. وكانت ابرامسون، التي عملت كأفضل محرر للأخبار في صحيفة التايمز منذ عام 2011 وحتى إنهاء خدماتها في عام 2014، انتقدت المحرر التنفيذي الحالي، دين باكيه، في كتابها المقبل، قائلة إن بعض المقالات الإخبارية في الصحيفة أصبحت «ضد ترامب بشكل لا لبس فيه». واستغل ترامب هذه الفرصة لدعم هجماته على الصحيفة بأنها تنشر«أخباراً مزيفة»، وأنها «عدو الشعب». وشاركها الرئيس ملاحظاتها عندما كتب على «تويتر» أن ما ذكرته «السيدة ابرامسون صحيح بنسبة 100%»، وأضاف «تقارير شنيعة وغير مشرفة تماماً عن كل ما يكتبونه تقريباً، ومن هنا يتجذر مصطلح «أخبار زائفة، وعدو الشعب، وحزب المعارضة»، إلا أن المفاجأة عقدت لسان ترامب، وأصابته بالحرج عندما ردت ابرامسون على ترامب، مؤكدة أنه فهم تعليقاتها خطأ، وأخبرت الرئيس بأنها تحترم صحيفة النيويورك التايمز، وتمتدح التغطية الرصينة لباكيه.
- مقدم البرامج بمحطة «سي إن إن»، براين ستلتر،
يقول إن ترامب ذكر عبارة «أخبار زائفة» أكثر
من 200 مرة في تغريداته عام 2018.
وكان معظمها حول مصادر الأخبار الموثوقة،
مثل برنامج «60 دقيقة»، و«نيويورك تايمز».