الإسبان يشعرون بأنهم ضائعون في بريطانيا نتيجة تهديدات «بريكست»
يعتبر الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، بمثابة الكابوس بالنسبة لنحو 3.5 ملايين شخص، يحملون جنسيات الاتحاد الأوروبي، ويعيشون في بريطانيا، والذين يشعرون بأنهم غير مرحب بهم للمرة الأولى في هذه الدولة، ومنهم ذوو الأصول الإسبانية، الذين يشعرون بأنهم ضائعون في بريطانيا، نتيجة تهديدات «بريكست».
وعندما صوت البريطانيون على استفتاء مغادرة الاتحاد الأوروبي عام 2016، لم يكن معظم المقيمين في بريطانيا من حملة جنسيات الاتحاد الأوروبي مستعدين لنتيجة ذلك الاستفتاء، مثل «مار»، وهي من مدريد، والتي كانت تستعد مع عائلتها للانتقال والسكن في لندن.
وقالت «مار»، وهي سكرتيرة تنفيذية متزوجة من طباخ، ورفضت الكشف عن اسم عائلتها: «نظراً إلى أننا وصلنا إلى بريطانيا منذ ثلاث سنوات، فإن الأمور لم تكن سيئة بالنسبة لنا، فنحن لدينا عمالنا، كما أن طفلينا يدرسان في مدارس عامة، ويتحدثان الإنجليزية بطلاقة، وفي المستقبل يتعين علينا بنهاية المطاف جمع حاجاتنا والمغادرة إلى مكان آخر».
وعلى الرغم من أن «مار» انتقلت إلى لندن تحت غيمة «بريكست»، فإنه في ذلك الوقت كانت هناك فكرة قوية، مفادها أن الحس السليم سيضع نهاية للعملية، لكن حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي حطمت هذه الآمال، كما أن حكومة خلفها بوريس جونسون هددت بنهاية حرية الحركة بالنسبة لمواطني الاتحاد الأوروبي، بعد انسلاخ بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي دون اتفاق في الأول من أكتوبر.
ولا ترغب «مار» في التفكير باحتمال ما إذا يكون جونسون يضغط من أجل الحصول على مزيد من التنازلات من بروكسل، واتبعت الخطوات التي أوصت بها وزارة الداخلية، في حال عدم التوصل إلى اتفاق، وقدمت طلباً للاعتراف بها كمقيمة شرعية. وحصلت على هذه الصفة، لكن هذه ليست نهاية المشهد، إذ يجب على مواطني الاتحاد الأوروبي، بالمملكة المتحدة، أن يثبتوا أنهم يقيمون في المملكة المتحدة خمس سنوات على الأقل، للحصول على صفة «الحالة المستقرة»، أما من لم يقم في الدولة خمس سنوات، أمثال «مار»، فإنهم يجب أن يطلبوا صفة «ما قبل الحالة المستقرة»، ويحصلوا على الصفة المستقرة، بعد قضاء خمس سنوات في الدولة. وفي كلتا الحالتين، فإن مواطني الاتحاد الأوروبي سيكون مسموحاً لهم بالعمل، واستخدام نظام الرعاية الوطنية. وسيكون آخر موعد لتقديم الطلبات من أجل ذلك حتى ديسمبر 2020.
لكن لايزال هناك الكثير من الأسئلة بلا أجوبة، والتي تجعل مواطني الاتحاد الأوروبي يشعرون بالقلق والحيرة، فعلى سبيل المثال، تدافع منظمات عن حقوق الاتحاد الأوروبي، مثل «3 ملايين» و«إيمكس»، اللتين تتساءلان: من الذي سيسيطر على من، ومن هو المقيم غير الشرعي؟ هل يقع ذلك على عاتق الخدمات الطبية أم أصحاب المنازل أم الشركات؟
وفي المملكة المتحدة لا يوجد ما يعرف بالهوية الوطنية الشخصية (رخصة القيادة يمكن عادة استخدامها كهوية شخصية)، ولا توجد أي خطط لمنح المقيمين غير البريطانيين وثائق خاصة. ومن غير الواضح - حتى الآن - أي نوع من الوثائق يحتاجه شخص من إسبانيا أو فرنسا أو بلجيكا أو بلغاريا، ليقرر زيارة بلده ثم العودة إلى بريطانيا بعد 31 أكتوبر.
وحتى الآن يوجد مليون مواطن من الاتحاد الأوروبي، تمكنوا وبنجاح من إكمال عملية تنظيم وضعهم كمقيمين في حالة حدوث انفصال صعب لبريطانيا عن الاتحاد الأوروبي. لكن لايزال هناك 2.5 مليون مواطن آخرون من الاتحاد الأوروبي ينتظرون. وقبل الصيف تلقى داني لوزانو، من كاتالونيا في إسبانيا، مذكرة داخلية من البنك الذي يعمل به، والذي يوصي موظفيه الذين يحملون جنسيات الاتحاد الأوروبي بتقديم طلبات من أجل تنظيم وضع إقامتهم في المملكة المتحدة.
وقال لوزانو: «لكنني لا أريد أن أضيع وقتي حتى يحدث شيء ملموس في هذا الموضوع، سواء كان خروج بريطانيا صعباً أم سلساً أم حتى أنها ستخرج أصلاً، لكن زوجته لورا جيمينيز، التي تعمل بالقطاع المالي غيرت رأيها، بعد تهديدات رئيس الحكومة البريطانية جونسون، وقامت بتقديم طلب تنظيم وضع إقامتها في المملكة المتحدة في 31 أغسطس الماضي، حيث يمثل هذا التاريخ مرور خمس سنوات على وجهودهما في لندن.
يجب على مواطني الاتحاد الأوروبي، في المملكة المتحدة، أن يثبتوا أنهم يقيمون بها خمس سنوات على الأقل، للحصول على صفة «الحالة المستقرة».