العصابات الإجرامية في المكسيك تتصارع على زراعة «الذهب الأخضر»
يتسلح أفراد العصابات في هذه المنطقة الخضراء، الممتدة في غرب المكسيك ببنادق أوتوماتيكية، ويستخدمون مناشير آلية، ويبدأون في الحال بقطع الأشجار ليلاً ونهاراً. ويتردد صدى انهيار الأشجار المقطوعة في شتى أنحاء الغابة العذراء. وعندما يبدي السكان المحليون احتجاجهم، موضحين أن هذه الغابات محمية من القطع، يتعرضون للتهديد بالسلاح كي يحافظوا على الهدوء. وفي حقيقة الأمر فإن سرقة الخشب كانت تمهيداً لخطة أكثر طموحاً.
القادمون الجدد
القادمون الجدد أعضاء في مجموعة إجرامية، يطلق عليها «فياغراس»، ويعملون على قطع أشجار الغابة من أجل استبدالها بأخرى. وفي الحقيقة لم يزرعوا الماريغوانا، أو أي محصول آخر تفضله العصابات المكسيكية لصناعة المخدرات، وإنما محصول آخر أكثر ربحاً هو «الأفوكادو».
وأصبح إنتاج «الأفوكادو»، في ولاية ميشوكان المكسيكية، الهدف الرئيس للعصابات المكسيكية، التي تستولي على المزارع وتنظفها من الأشجار الموجودة بغرض زراعة كروم «الأفوكادو»، التي يطلق عليها السكان المحليون اسم «الذهب الأخضر».
وتتصارع العشرات من المجموعات الإجرامية، من أجل السيطرة على تجارة «الأفوكادو» في مدينة أوروبان وما حولها، مستغلة مالكي بساتين «الأفوكادو»، وكذلك العمال، الذين يقطفونها، والسائقين الذين ينقلون الثمار إلى الولايات المتحدة. وقال خوسيه ماريا إيالا مونتيرو، الذي يعمل لمصلحة الجمعية التجارية، التي شكلت جيشها اليقظ لحماية المزارعين: «التهديدات متواصلة دائماً من جميع الجهات»، وإثر سيطرتها على الغابة في مارس الماضي، أعلنت مجموعة «فياغراس» فرض ضريبة على السكان الذين يملكون أشجار «الأفوكادو»، تصل إلى 250 دولاراً لكل هكتار «كرسوم حماية».
مجموعات إجرامية تتنافس
وتتنافس هذه المجموعات الإجرامية بين بعضها بعضاً، حيث يريد المنافسون من مجموعة «جالاسيكو نيوجنراشين» الإجرامية السيطرة على المنطقة ذاتها، التي تسيطر عليها مجموعة «فياغراس»، ويبدو أن السكان المحليين هم ضحية الصراع الشرس بين المجموعتين. وفي شهر مايو الماضي، وصلت قافلة من الشاحنات المحملة بمسلحي «جالاسيكو» إلى الغابات، واندلعت معركة امتدت لنحو ساعة. واضطر البروفيسور، خوان مادريغال ميراندا (72 عاماً)، الذي يدير مركزاً للطبيعة في المنطقة، للانبطاح على الأرض، في حين كان الرصاص يمر من فوق رأسه خلال المعركة. وتحول خوفه إلى غضب بعد تنامي قوة المجرمين، حيث قتل 10 أشخاص في الغابة بذلك اليوم. وقال مادريغال: «في شتى أنحاء الدولة، تريد المجموعات الإجرامية الأرض والغابة والمياه، والآن يقاتلون من أجل أساسيات الحياة».
زيادة الاستهلاك
وفي الفترة ما بين 2001 و2018، ازداد استهلاك الولايات المتحدة من «الأفوكادو». وكانت ولاية ميشوكان ذات الأمطار الغزيرة، والتربة البركانية الغنية، قد أصبحت المكان المثالي لزراعة «الأفوكادو». وهي الولاية الوحيدة في المكسيك، التي يسمح لها بتصدير «الأفوكادو» إلى الولايات المتحدة، التي كانت قد حظرت استيراد هذه الفاكهة من المكسيك حتى عام 1997، خوفاً من الحشرات التي تنمو على الفاكهة.
وازدهرت تجارة «الأفوكادو» في ميشوكان حتى بلغت قيمتها نحو 2.4 مليار دولار، العام الماضي، ما أضفى حالة من التطور والرخاء على الولاية، حيث انتشرت وكالات السيارات الحديثة، وازدادت مساحة الأراضي المزروعة بـ«الأفوكادو»، وأصبح العمل بها مربحاً للجميع. ويقول مايكو سيجا (28 عاماً)، الذي أمضى طفولته في كاليفورنيا، إنه يقود فريقاً من قاطفي ثمار «الأفوكادو»، ويحصلون على أجور جيدة. وأخيراً، تم استدعاؤهم إلى إحدى المزارع، ليكتشفوا - في ما بعد - أنها مملوكة لإحدى المجموعات الإجرامية، وأضاف: «أجبرونا على العمل تحت تهديد المسدسات لمدة سبع ساعات، دون أن يعطونا أي أجر». وفي حالات أخرى، كانت العصابات الأخرى تمنع فريقه من العمل، كي يصبح إمداد «الأفوكادو» في الأسواق قليلاً، الأمر الذي يزيد أرباح هذه العصابات، التي تسيطر على مزارع «الأفوكادو».
العشرات من المجموعات الإجرامية، تسعى إلى السيطرة على تجارة «الأفوكادو» بمدينة أوروبان وما حولها، مستغلة مالكي البساتين، وكذلك العمال، الذين يقطفونها، والسائقين الذين ينقلون الثمار إلى الولايات المتحدة.
ازدهرت تجارة «الأفوكادو» في ميشوكان، حتى بلغت قيمتها نحو 2.4 مليار دولار، العام الماضي، ما أضفى حالة من التطور والرخاء على الولاية، حيث انتشرت وكالات السيارات الحديثة، وازدادت مساحة الأراضي المزروعة بـ«الأفوكادو»، وأصبح العمل بها مربحاً للجميع.