«تويتر».. ساحة معركة موازية بين البريطانيين المنقسمين
لم تنته المعركة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، رسمياً، في 31 من يناير، فالخلاف لايزال في أوجه بين المؤيدين والمعارضين للخروج. وتراوح اتهامات المعارضين للمؤيدين بين الخيانة وسوء التقدير. واستيقظ الفريق الثاني، في اليوم الأول لبريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي، ليجد نفسه «غبياً» في نظر المؤيدين لأوروبا. وقد برز وسم أطلقه نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، يهين المغادرين، والذي نشأ للمرة الأولى أثناء محاولة ازدراء المحتفلين بالمناسبة التاريخية. وبدلاً من إخماد نار ظلت مستعرة، على مدار السنوات الثلاث ونصف السنة الماضية، بدا أن الطلاق النهائي للمملكة المتحدة من الكتلة يثير العداوة.
في غضون ذلك، أصبحت مقاطع الفيديو التي ينشرها أشخاص متحمسون للحظة الخروج، عند الساعة 11 مساءً، واسعة الانتشار، إذ أوضحوا أسبابهم للتصويت على الخروج من الاتحاد، في عام 2016. وبعد فترة وجيزة، بدأ وسم «غبي» يجتاح «تويتر»، ليبدأ مؤيدو البقاء بالسخرية من المقاطع وردود فعل أصحابها. وأظهرت إحدى اللقطات لتجمع بالقرب من البرلمان، في لندن، امرأتين أشادتا بـ«استعادة سيادتنا».
ورد أحدهم على السيدتين مغرداً، حسناً أيتها السيدات، ما تفعلونه خاطئ تماماً، متبوعاً بوسم «غبي»، الأمر الذي أثار غضب الكثيرين، وذكر بعضهم بأن قرار الخروج من الاتحاد لا يمكن أن تقرره «حفنة من الأغبياء»، مشيرين إلى أن العملية تمت بديمقراطية، إذ اختار أكثر من 17 مليون بريطاني المغادرة، ويجب احترام نتائج الاستفتاء. ومع ذلك، فإن هذا الاستخفاف بعقول الآخرين قد يقود إلى مزيد من المشاحنة والتلاسن على مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت ساحة معركة موازية.
حتى في أعرق الديمقراطيات، لا يتقبل الفريق الخاسر النتائج، وهناك من يتساءل، في بريطانيا، عن جدوى استفتاء سيغير موازين الاقتصاد والسياسية، وربما تسبب في شرخ اجتماعي يصعب رأبه. أما آخرون فيقولون إنه في زمن التكتلات الاقتصادية، فضلت بريطانيا أن تُجدف لوحدها، ضاربة عرض الحائط بجهود الأوروبيين لنصف قرن. ومع أن الاتحاد الأوروبي سيكون أضعف، بالتأكيد، لأنه فقد عضواً مهماً، فإن المملكة المتحدة تواجه مصيراً مجهولاً، وسط تكهنات بأزمات اقتصادية، واحتقان سياسي، واستقطاب ثقافي. وفي خضم ذلك، هناك وعاء سيحتضن كل المعارك المتوقعة، والمتمثل في وسائل التواصل الاجتماعي، التي قد تتحول إلى وسائل للتنافر والتناحر. وعندها نتساءل: هل ننحي باللائمة على هذه الوسائط الحديثة، أم على فريق من الناخبين، يمارسون الديمقراطية ولا يقبلون نتائجها، أم على نخبة سياسية، استغلت حالة الإرباك وركبت الموجة لتحقق أهدافها الشخصية على حساب المصلحة الوطنية؟