«أزمة» المنصة الموثوقة
تعيش فرنسا أزمة صحافية وسياسية نادرة، تضع من يتابعها في حيرة من تحديد موقفه، لكنها تمثل فرصة عالمية لفتح نقاش ضروري.
ففي ظل تدفق شلالات الأخبار المفبركة بشأن «كورونا»، قررت الحكومة الفرنسية إنشاء منصة صحافية إلكترونية سمتها «موقع الأخبار الموثوقة»، لفلترة الأخبار، وتقديم خدمة معلوماتية تمت مراجعتها، بحسب ما تقول.
الجماعة الصحافية الفرنسية، استنفرت من هذه الخطوة، وشككت في دوافعها، ملمحة إلى أنها أُنشئت كدعاية للحكومة الفرنسية، ومن حيث تجلياتها على الأرض، حيث اعتبرتها وصاية عليها، وعلى مهنة الصحافة، وعلى الخبر ذاته، وعليه خرج عشرات الصحافيين الفرنسيين يتساءلون في مقالاتهم وتصريحاتهم: منصة حكومية للأخبار؟ ماذا؟ وهل أخبارنا مزيفة؟ ثم إذا كانت السلطة التنفيذية ستحدد لنا ما الخبر الصادق وما الخبر الكاذب.. فما وظيفتنا نحن؟
بدورهما، عقد «اتحاد الجمعيات الصحافية الفرنسية»، و«اتحاد جمعيات المحررين الفرنسيين» اجتماعاً، أصدرا عقبه بياناً مشتركاً، نشرته صحيفة «لوموند» على صفحتها الأولى، أدانا فيه إنشاء المنصة، وقالا إن «الصحافة الفرنسية مستقلة عن الدولة، وعن القوى السياسية، وتمارس دورها كقوة مقابلة في المجتمع، وتحت سمع القارئ وبصر المشاهد، وأن الصحافيين طبقاً لتعريف المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (هم حراس الديمقراطية)». واستطرد البيان بأن «الحكومة الفرنسية عبر اختيارها مواد صحافية معينة، واعتبارها موثوقة، تعطي انطباعاً سلبياً بشأن المواد الأخرى».
ولا شك أن البيان الصحافي الفرنسي لا يخلو من إيجابية، رغم المبالغة، ويعكس الحساسية المتوقعة للصحافة الفرنسية بشأن الحريات، كما أنه يأتي متوافقاً مع يوم الصحافي العالمي، الذي صادفت ذكراه تاريخ صدور البيان، لكن مع هذا لم يقدم البيان إجابة عن أزمة تعاني منها كل الشعوب، بما فيها فرنسا، ظهرت ملامحها بقوة مع أزمة «كورونا»، وسمتها منظمة الصحة العالمية بالـ«انفوميديك»، وعرفها قاموس «فري ديكشنري» بـ«الإغراق المعلوماتي للمشكلة إلى حد إعاقة إمكانية حلها».
أليس هذا الأمر عالمياً بحاجة إلى حلول من داخل البيت الصحافي نفسه؟
في ظل تدفق شلالات الأخبار المفبركة بشأن «كورونا»، قررت الحكومة الفرنسية إنشاء منصة صحافية إلكترونية سمّتها «موقع الأخبار الموثوقة»، لفلترة الأخبار، وتقديم خدمة معلوماتية دقيقة.