عصابات ليفربول تفرض سيطرتها على تجارة السلاح والمخدرات في بريطانيا
باتت عصابات ليفربول الأقوى في مجال الجريمة المنظمة وتمكنت من السيطرة على سوق الأسلحة النارية وتجارة المخدرات خارج لندن. وأظهر تحليل الرسائل المشفرة من نظام اتصالات يستخدمه المجرمون، قام به خبراء من وكالة الجريمة الوطنية في المملكة المتحدة، أن لندن أصبحت المكان المفضل لدى العصابات القوية، التي تخزن كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة الأوتوماتيكية.
وقال ضباط كبار في الوكالة إن عوامل ساعدت على صعود عصابات ليفربول، منها جغرافية المدينة، والديموغرافيا، وتاريخ الجريمة المنظمة الخطيرة، واستعداد أعضاء العصابة لتبني أحدث الابتكارات الإجرامية. وأثناء تصفح البيانات من خدمة الدردشة المشفرة التي تم جمعها كجزء من عملية مراقبة أمنية واسعة النطاق، وجد الضباط أن أكثر من 70٪ من جميع الروابط إلى الأسلحة، التي تم رصدها، كانت متصلة بعصابات ليفربول وشمال غرب إنجلترا.
وقال رئيس المركز الوطني لتهديدات الأسلحة النارية، روب هيكينبوتوم، «معظم الحالات لها علاقة قوية جداً بالشمال الغربي». وقال الخبير في وكالة الجريمة الوطنية، مات بيرفكت، إن المعلومات من «إنكروشات»، وهي خدمة محادثة مشفرة، قدمت نظرة فريدة حول كيفية التحكم في المشهد الإجرامي، متابعاً، «الجماعات من الشمال الغربي تسيطر تقريباً على بقية المجتمعات (الإجرامية) في المملكة المتحدة». ووجد تحليل المركز الوطني لتهديدات الأسلحة النارية، أن مقاطعة «مرزيسايد»، التي تضم مدينة ليفربول، والممر الشمالي الغربي الأوسع، بهما شبكة من مصانع تحول الأسلحة الصغيرة إلى أسلحة نارية مميتة.
وقال بيرفكت، إن تحويل الأسلحة يعتبره البعض في المنطقة شيئاً جيداً، ويمكن تحويل مسدس «غلوك» من عيار صغير تم شراؤه مقابل 135 جنيهاً إسترلينياً من أوروبا الشرقية إلى مسدس 9 مليمتر خلال 90 ثانية فقط، ويمكن أن يصل سعره إلى 5 آلاف جنيه. ويوضح بيرفكت أن التجار المتمركزين في الشمال الغربي استوردوا من الصين مفاتيح بلاستيكية تساعد في تحويل مسدس غلوك إلى سلاح ناري أوتوماتيكي بسرعة. وألقت الشرطة القبض على أشخاص في ليفربول الأسبوع الماضي يُشتبه في أنهم يوردون أسلحة نارية وذخيرة ومكونات أسلحة نارية.
وكشف تحليل المعلومات من «إنكروشات» عن مفاجآت أخرى. وقال بيرفكت «إذا سألتني قبل الحملة الأمنية الأخيرة عن السلاح المفضل لدى مجموعات الجريمة المنظمة، كنت سأقول مسدس غلوك»، متابعاً «لكن الحملة أظهرت أن (سكوربيون) و(جراند باور) هما السلاحان المفضلان الآن». واستخدمت أقوى عصابات ليفربول جغرافية المدينة بنجاح، وتؤكد رسائل «الدردشة» السرية أن هذه العصابات تورد الكوكايين مباشرة من عصابات أميركا الجنوبية عبر ميناء الحاويات الضخم في المدينة.
وقال هيكينبوتوم «لقد حددت العملية الأمنية التي تمت على الصعيد الوطني الرابط بين توريد المخدرات ومصدرها في أميركا الجنوبية»، متابعاً «نحن لا نتحدث عن حدود مقاطعة مرزيسايد، فهذه المخدرات تدخل البلاد بكميات كبيرة». كما أنشأت عصابات ليفربول علاقات مع مجموعات الجريمة المنظمة الخطيرة عبر البحر الأيرلندي.
وخلال التسعينات قامت الشرطة والأجهزة الأمنية البريطانية بحملة مركزة انتهت باعتقال أشخاص مثل كيرتيس وارن، الذي قيل إنه جنى 300 مليون جنيه إسترليني من تجارة المخدرات. وقال بيرفكت «في ليفربول والشمال الغربي، هناك مزيج من تجار ومهربين تطوروا منذ أيام كيرتس وارن، وتعلموا آليات جديدة ووسائل الاتصال والنقل والإخفاء». ويجب النظر في هذا البعد الجنائي جنباً إلى جنب مع التركيبة السكانية للمدينة؛ فقد أظهرت الأبحاث المنشورة قبل الوباء أن ثلث الأطفال في منطقة ليفربول يعيشون تحت خط الفقر.
وأوضح بيرفكت «بالنظر إلى التركيبة السكانية والبطالة المستمرة، والمناطق المحرومة وشدة الجريمة المنظمة، وبتقييم كيفية تطور المجتمع مع الجريمة المنظمة الخطيرة، فمن المحتمل أن العصابات في ليفربول كانت في المقدمة».
التواصل مع المجرمين
فر غالبية قادة العصابات الإجرامية في مرزيسايد من المنطقة، واختاروا قيادة الاستيراد الواسع النطاق للأسلحة النارية والمخدرات من الخارج، كما أظهر تحليل العملية الأمنية أن بعض المجرمين المتواجدين في الخارج أمروا بإعدام منافسين في بريطانيا، وفي بعض الحالات استخدمت قنابل يدوية في الحدائق ضد الأشخاص المستهدفين. ويوفر التواجد في الخارج أيضاً ميزة التواصل وجهاً لوجه مع المجرمين الدوليين الآخرين، ويقول الخبير في وكالة الجريمة الوطنية، مات بيرفكت «تعمل هذه الأماكن مثل وول ستريت للجريمة»، ويضيف «يجب أن يكون أعضاء العصابة حاضرين ولديهم هذا المستوى من المصداقية؛ ولن يتسنى فعل هذا من ليفربول».
قال ضباط كبار في «وكالة الجريمة» إن عوامل ساعدت على صعود عصابات ليفربول، منها جغرافية المدينة، والديموغرافيا، وتاريخ الجريمة المنظمة الخطيرة، واستعداد أعضاء العصابة لتبني أحدث الابتكارات الإجرامية.