تمثال «سيسيل رودس» يثير الانقسام في أكسفورد
قرّرت السلطات المحلية في مدينة أكسفورد إزالة تمثال سيسيل رودس، بحلول الصيف، بعد أن أصبح رمزاً للنصب التذكارية المرتبطة بالرق، والماضي الاستعماري البريطاني. وسيتم وضعه في المتحف، على الرغم من أن عدداً من الشخصيات مصممون على منع هذه الخطوة. وستكون المواجهة أول حالة اختبار كبيرة في «الحروب الثقافية»، التي تشمل عشرات التماثيل والنصب التذكارية والمباني، والعديد منها في المدارس والجامعات، ويريد النشطاء إزالتها أو إعادة تسميتها في أعقاب احتجاجات «حياة السود مهمة».
ومع ذلك، فإنهم في سباق مع الزمن، إذ يريد وزير الدولة لشؤون المجتمعات المحلية، روبرت جينريك، حماية الآثار بموجب القانون، بينما يعتقد أكاديميون أنه في حالة إزالة تمثال سيسيل رودس، فسيتبع ذلك كل نصب تذكاري مثير للجدل. وقالت مصادر في جامعة أكسفورد إن لجنة مستقلة تم إنشاؤها للنظر في تمثال رودس، قطب تعدين الماس، في القرن الـ19، الذي كسب المال من خلال شركة تستخدم عمالة العبيد. وستحدد قريباً كيف تم بناء التمثال في جدار كلية أوريل المطلة على المدينة.
وأحد المواقع المحتملة لاستقبال التمثال، هو متحف «بيت ريفرز»، حيث سيتم تسليط الضوء على أفعال رودس وحياته. وتأسست لجنة خاصة، العام الماضي، لتقديم المشورة لمجلس إدارة كلية أوريل، التي قالت إنها تريد نقل التمثال، لكن القرار الأخير يرجع إلى الكلية. وقال المعارضون لإزالة التمثال إنهم سيحيلون الأمر إلى جينريك، الذي سارع، من خلال صلاحياته، لتحدي إزالة التماثيل، بالجملة، وإعادة تسمية المباني، الإجراء الذي قد يشمل جميع التماثيل، واللوحات التاريخية، وغيرها من الآثار.
ويقول أستاذ علم اللاهوت الأخلاقي في جامعة أكسفورد، نايجل بيغار، «إنه تخطيط كامل لإزالتها»، متابعاً «سأكون من بين الناس الذين يطلبون تدخل الوزير، وأعتقد أن اللجنة ستصوت لإزالة التمثال، ولكن آمل أن يوقفها روبرت جينريك». ويعتبر بيغار أن تمثال رودس عملاً إبداعياً «إذا سارت الأمور على هذا النحو، فستختفي كل هذه الأشياء التاريخية».
ومع ذلك، قال أكاديمي آخر من جامعة أكسفورد، طلب حجب اسمه، «نحن مصممون على إزالة التمثال، في ظل وجود حكومة محافظة بشدة، وقد اتبعت أكسفورد الإجراءات القانونية ولن يتم منعها من القيام بذلك».
وبموجب مقترحات جينريك، إذا كان المجلس المحلي لمدينة أكسفورد، يعتزم الموافقة على إزالة التمثال، واعترضت هيئة الآثار، فيمكن أن يتدخل هو «لضمان احترام القانون». وستكون سياسة «الاحتفاظ والتوضيح» هي الأفضل في معظم الحالات. واقتداءً بالجامعات الأميركية، استعانت جامعات، في المملكة المتحدة، بالعلماء للتحقيق في الماضي، وتدقيق أولئك الذين ارتبطت ثروتهم بالعبودية.
يُذكر أن رودس وُلد في إنجلترا، والتحق بكلية أوريل، في أكسفورد، وترك الكثير من المال للكلية، في وصيته. وكان هناك، أيضاً، تمثال له في كيب تاون، بجنوب إفريقيا، لكن تم هدمه في عام 2015 بسبب ارتباط رودس بالحكم الأبيض. وألهمت حركة «يجب أن يسقط رودس»، في جنوب إفريقيا، احتجاجات مماثلة في أكسفورد، لكن التمثال لايزال موجوداً.
من جهتها، أعلنت كلية لندن الملكية عن خطط لإزالة تماثيل روبرت كلايتون، ومؤسس مستشفى جاي، توماس جاي «كجزء من واجبها لمعالجة إرث العنصرية والاستعمار والرق». ووافقت جامعة ليفربول على إعادة تسمية قاعة الطلاب، التي تحمل اسم ويليام جلادستون، بينما أعادت جامعة إدنبره تسمية برج ديفيد هيوم، رداً على ما قاله الفيلسوف على مسائل العرق. وفي أكسفورد، بدأت الكليات والأقسام في توضيح الإجراءات التي تتخذها، عبر موقع إلكتروني، تدعمه نائبة رئيس الجامعة، لويز ريتشاردسون.
رغبة الغوغاء
يسعى تشريع جديد قدمته الحكومة البريطانية، أخيراً، إلى حماية النصب والتماثيل المثيرة للجدل، من الإزالة «لمجرد نزوة أو برغبة من الغوغاء»، كما كتب أحد السياسيين في حزب المحافظين في صحيفة «التلغراف». ومن المتوقع أن يتم تطبيق القانون على 20 ألف نصب تذكاري في جميع أنحاء إنجلترا. والإجراء، في حال أقره البرلمان، سيتطلب من الأفراد الحصول على موافقة بناء، أو إذن تخطيط، قبل إزالة «أي تمثال تاريخي». وسيكون لوزير الدولة لشؤون المجتمعات (حالياً روبرت جينريك) القول الفصل، في جميع قرارات المجلس المحلي المتعلقة بعمليات الإزالة.
وجاء في تقرير «الغارديان»، أن التشريع المقترح، سرعان ما أثار انتقادات في أوساط أعضاء حزب العمال، ونشطاء العدالة العرقية، والباحثين. وفي الصيف الماضي، أزال متظاهرون في جميع أنحاء العالم تماثيل لشخصيات مثيرة للجدل، بما في ذلك مالكو العبيد والمستعمرون والسياسيون، بينما كانوا يتظاهرون ضد وحشية الشرطة، بعد مقتل الأميركي الأسود، جورج فلويد.
- وزير الدولة لشؤون المجتمعات المحلية، روبرت جينريك، يريد حماية الآثار بموجب القانون، بينما يعتقد أكاديميون أنه في حالة إزالة تمثال سيسيل رودس، فسيتبع ذلك كل نصب تذكاري مثير للجدل.