المرصد.. «دارنيلا فرايزر.. التاريخ يُصنع بكاميرات الموبايل»
أصاب التوفيق هيئة تحكيم جائزة «بوليتزر 2021» الأميركية حين منحت جائزة التصوير للفتاة الأميركية السوداء دارنيلا فرايزر، لتصويرها بـ«موبايل» واقعة مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد من بدايتها حتى منتهاها.
دارنيلا فرايزر ليست صحافية محترفة، وعمرها وقتها لم يتخطّ الـ17 عاماً، وعندما صورت الفيديو، لم تكن تقصد كل هذا الضجيج، اذ كانت ذاهبة للتسوق مع ابن عمها، وفعلت ذلك بفضل تكوينها الشخصي الجريء الذي جعلها لم تتفرج وتصمت، وإحساساً بما يتعرض له أهلها الأميركيون الأفارقة من تمييز.
غيرت فرايزر بتصويرها حقائق كثيرة في واقعة مقتل جورج فلويد.
فابتداءً هي وثقت الواقعة، فحسمت القيل والقال الذي عادة ما يشوب وقائع انتهاكات السود في أميركا، والتي تتعرض لروايات معاكسة ومضللة وأحياناً متعمدة. وفي ظل صعود اليمين المتطرف بنزعاته العنصرية، أصبحت صناعة تشويه الحقيقة آلة كبرى، تحول الجاني الى ضحية بمنتهى اليسر والاحترافية.
وثانياً، مثل الفيديو مادة إعلامية، ألهمت ملايين المشاركين في تظاهرات مناصرة للأميركيين الأفارقة في أميركا وأوروبا، ونقلت قضية فلويد الى مستوى جديد من الدعم، لم تحظَ به قضايا مشابهة مماثلة، وحولت شعار «حياة السود مهمة» إلى عبارة ينطقها كل أصحاب الضمير في العالم.
وثالثاً، قدمت فرايزر لقضاة محكمة قتلة جورج فلويد دليلاً متماسكاً استطاعت عبره المحكمة إدانة المتورط في الجريمة الضابط ديريك تشوفين، حيث قررت المحكمة أنه مذنب في «جريمة قتل درجة ثانية»، حسبما استقر في قناعتها، وهي خطوة أولية لإحقاق العدالة بانتظار الحكم النهائي.
واستطاعت فرايزر تحقيق كل هذه النتائج لمصلحة الحقيقة، ودعم قضية الأميركيين الأفارقة والرافضين للعنصرية والتمييز أينما وجدوا، وقبل هؤلاء لشرف مهنة الإعلام، التي لم تحمل لها يوماً «لا كارنيه» و«لا وشاحاً». لم يكن ما فعلته أمراً هيناً ولا مجانياً، فقد غالبت الفزع الذي بداخلها، وكذا نداء تجنب المتاعب كما روت هي لاحقاً، وكسرت دائرة الصمت ولم ترتضِ ما فعله العشرات من الواقفين يتفرجون دون مبالاة، كذلك وبعد الحادثة، اضطرت فرايزر الى ترك منزلها بعد أن أصبحت حياتها وحياة عائلتها في خطر، بعد أن تلقت تهديدات صريحة من غوغاء اليمين المتطرف.
تروي فرايزر لقطة عن الحادث، من داخلها هذه المرة فتقول: «تغيرت بسبب المشهد. جعلني أدرك أي خطر نعيش فيه نحن السود، نحن يجب أن لا نقترب من الأناس أنفسهم الذين من المفترض أن يحمونا: الشرطة. نحن ينظر الينا كـ(بلطجية).. كحيوانات.. كمجرمين. نحن بشر. من ذا الذي من حقه أن يحكم علينا».
زاوية أخرى للمشهد تكمل به «جائزة بوليتزر» كامل الصورة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news