المرصد
لاعزاء للصحافيين الميدانيين والاستقصائيين
تكشف التقارير الخاصة بالمخاطر التي يتعرض لها الصحافيون عن تناقض عجيب بين تراجع دور الصحافة الاحترافية نسبياً، في ظل تغول الإعلام البديل ووسائل التواصل الاجتماعي، وبين تزايد تعرض الصحافيين للقتل بسبب عملهم بنسب ملحوظة.
ويشير التقرير الأخير الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، إلى أن «عام 2022 شهد مجدداً قفزة واضحة في عدد الصحافيين، الذين لقوا مصرعهم بسبب عملهم، حيث وصل عدد الصحافيين المقتولين إلى 68 صحافياً، وهو رقم مثل صعوداً ملحوظاً عن الأعوام السابقة».
وتشغل ظاهرة قتل الصحافيين الميدانيين في الشارع بال المنظمات الحقوقية، وتميز هذه المنظمات بين القتل في الصراعات السياسية، على شاكلة ما حصل في العراق بعد 2003 حيث قتل 155 صحافياً، وبين القتل الذي يتم داخل بعض المجتمعات للصحافيين، بسبب مواجهتهم للجريمة المنظمة والفساد، وهم يقتلون بحسب تعبير مسؤول لجنة حماية الصحافيين، روبرت ماهوني، «ليس في الصراعات، وإنما عمداً بسبب عملهم».
وتمثل المكسيك حالياً نموذجاً للخطر الواضح، الذي يتعرض له الصحافي الميداني والاستقصائي في الشارع بسبب عمله، حيث قتل في فبراير الماضي الصحافي من موقع «كادينا نوتسيباس» خوسيه راميرو اراوخو أوشاوا، وهو خامس صحافي يقتل خلال عام واحد، والضحية رقم 150 منذ عام 2018، بحسب «مراسلون بلا حدود»، ويأتي مقتله بعد شبهة اشتباكه الصحافي مع عصابات ومصالح وفساد في البلاد. وقالت منظمة
«مراسلون بلا حدود » تعليقاً على اغتياله، إن «أوشاوا لم يكن يحظى ببرنامج الحماية الحكومي، وأنه كان يتلقى تهديدات بالقتل منذ عام 2019 بسبب كشفه لقضايا فساد استهدفت مسؤولين محليين». وتشكل مواجهة اغتيالات الصحافيين الاستقصائيين وضعية معقدة، حيث إن الصحافيين لا يواجهون عصابات منفردة، وإنما متحصنة بأجهزة متقنعة بلافتات رسمية.
اللافت أن هذه الجرائم انعكست على وضع مهنة الصحافة ذاتها، حيث أعلنت جامعتان مكسيكيتان في عام 2012 هما جامعة بويلا الشعبية المستقلة، وجامعة موريليا، بحسب موقع موهافيكوستاديس عن انتهاء برامج الصحافة لديها، وهي إشارة ولو عابرة، توضح مدى خطورة الأمر.
لا يمل المعلقون عن القول إن «فيس بوك» و «تويتر» أعلنا نهاية الصحافة الاحترافية، وأن الخبر الآن ملك للجميع، وهو استنتاج تكذبه وقائع فواتير الموت الجارية، اللهم إلا إذا كانت معادلة الصحافي المحترف هو أن «يدعى إلى الموت ولا يدعى إلى المجالسة»، بتعبير أمل دنقل الشهير.
• تشكل مواجهة اغتيالات الصحافيين الاستقصائيين وضعية معقدة، حيث إن الصحافيين لا يواجهون عصابات منفردة، وإنما متحصنة بأجهزة متقنعة بلافتات رسمية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news