المرصد
«الصحافيون.. وأطفال الحروب»
تصدر الاهتمام بقضية «تغطية الإعلام لأطفال الحروب» أجندة المنظمات الحقوقية في الفترة الأخيرة، بمنطق إذا كانت قضية تجنيد الأطفال الصغار كارثة فإن تغطيتها إعلامياً دون محاذير كارثة إضافية.
وقد ظلت القضية التي تفاقمت بعد انتشار حروب ما بعد «الربيع العربي» في السنوات الأخيرة، تمثل إشكالاً للجماعة الصحافية والإعلامية، فمتابعتها بلا ضوابط قد تكون خطأ، بينما تركها يرقى لدرجة الخطيئة.
ويعتبر الدليل النوعي الذي أصدرته منظمة «اليونيسيف» عام 2018 بعنوان «المبادئ الأخلاقية لقواعد التقارير الإعلامية حول الأطفال» كشافاً مضيئاً للقواعد التي يجب اتباعها بهذا الصدد رغم عمومتيه، إذ حدد التقرير ضوابط أساسية للتناول الإعلامي تنطبق على تغطية أطفال الحروب، فأشار إلى ضرورة تجنب التسبب في إيذاء الطفل ووضعه في خانة الخطر، بسبب هذه التغطية، واحترام حق الطفل في الخصوصية، والامتناع عن نشر أي قصص خبرية قد تعرض أقاربهم أو أقرانهم للخطر، وتحاشى أن يكون التقرير الصحافي مادة للتمييز الجنسي أو العرقي أو الديني أو المذهبي أو البدني، والتركيز على ضرورة الحصول على الإذن الصريح من الطفل على أن يكون مكتوباً ما أمكن ذلك ودون إكراه، والاهتمام بمكان وطريقة إجراء المقابلة الصحافية، فقد يكون في المكان أو الطريقة ما يؤلم الطفل. وحصر عدد الإعلاميين والأشخاص الذين يحضرون المقابلة الصحافية، بحيث لا يكون هذا العدد سبباً في رهبة الطفل، والتأكد من شعور الطفل بالارتياح من المقابلة الصحافية قبلها وبعدها، والتأكد من عدم تسبب المقابلة في الوصم الاجتماعي، والعمل على تغيير اسم وصورة الطفل ما تطلب الأمر ذلك.
وعلى الجانب الآخر، على الصحافيين أيضاً ألا يقللوا من أهمية تغطياتهم لقضية «أطفال الحروب»، أولاً لأن هذه التغطيات تكشف الحد الأقصى لفظاعات الحروب، وثانياً لأنها مهمة دفاع عن الأطفال أنفسهم، الضحية الأضعف في هذه الحروب، والعالم لن ينسى مثلاً الأثر الذي صنعته الصورة التي التقطها «نيك أوت» للطفلة الفيتنامية «كيم فوك»، والتي قصفت الطائرات الأميركية قريتها «تراج يانج» وكيف أحدثت الصورة التي نال صاحبها جائزة «بوليتزر» زلزالاً في الرأي العام الأميركي والعالمي، وكان جزءاً من حملة انتهت بوقف الحرب.
جزء أخير في قضية التغطية الإعلامية لأطفال الحروب مازال ناقصاً، بحسب الخبراء الإعلاميين، هو متابعة الدعم النفسي للطفل بعد خروجه من الحرب، وللأسف هو جزء مهمل لأنه أقل «توهجاً» في القصص الخبرية، وفي زمن يُبحث فيه عن الأكثر توهجاً والأكثر قراءة والأكثر مشاهدة.
■ العالم لن ينسى الأثر الذي صنعته صورة الطفلة الفيتنامية «كيم فوك» في الرأي العام الأميركي والعالمي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news