الصحافة البيئية أمام مهمة صعبة
تصاعدت أهمية الخبر البيئي والمناخي في الأعوام الأخيرة، إذ لم يعد هو الخبر الثقيل على النفس المتواري خجلاً في الصفحات الأخيرة، وإنما زحف إلى الصفحة الأولى، وفي أحايين كثيرة أصبح هو «المانشيت».
وبحسب ندوة أقامتها لجنة خبراء الأمم المتحدة في التغير المناخي، وطبقاً لدراسة أجرتها نشرة أخبار الأمم المتحدة على 59 دولة، فإن التغطيات البيئية والمناخية الصحافية الخاصة بموضوع التغير المناخي فقط، ارتفعت من 87 ألف موضوع في عام 2016 إلى 470 ألف موضوع في عام 2021، كما كشف تقرير الأخبار الرقمية لعام 2022، الصادر عن «رويترز» أن ما يقرب من 50% من جمهور القراء في جنوب إفريقيا وكينيا ونيجريا مهتمون في متابعتهم الصحافية اليومية للمطبوعات بمحور المناخ، وهو مؤشر يشي بأن الاهتمام بهذا المحور لم يعد هماً متزايداً في الدول المتقدمة فقط، بل في مختلف أنحاء العالم.
وبقدر ما تحمل هذه التقارير من دلالة إيجابية لجهة تزايد الوعي البيئي والمناخي عند الناس، بقدر ما تلقي بأحمال ثقيلة على الصحافيين الذين من صميم مهمتهم تبسيط المادة العلمية الخاصة بالبيئة والمناخ، وإبراز أهميتها، وربط هذه المادة بالحياة اليومية، وتحويلها إلى مادة جذابة ولطيفة تشد اهتمام القارئ.
في هذا الاتجاه، يقدم الصحافي الأميركي صاحب الخبرة الأبرز في الكتابة البيئية في «نيويورك تايمز» و«ناشيونال جيوغرافيك»، أندرو ريفكين، نصائحه الشخصية للصحافيين البيئيين لتطوير كتاباتهم، والتي من أبرزها تحاشي اقتراب كتاباتهم من الميلودرامية المبالغ فيها، والتركيز على المحلية، ومواجهة التضليل المعلوماتي والالتصاق بالعلم طوال الوقت لأن هذا وحده ما يكفل ثقة القارئ ويقربه من الكتابة.
كذلك ينشر معهد رويترز للدراسات الصحافية سلسلة من المقالات تحت عنوان «كيف يمكننا إصلاح الصحافة المناخية»، ركز واحد منها على كيفية الحصول على المعلومات المناخية، وركز آخر على الربط بين التغير المناخي والثقافة المحلية، وركز ثالث على كيفية مساعدة الجمهور في فهم تعقيدات المناخ، كما ركز رابع على قدرة الصحافة البيئية على إيجاد حلول في بلدة أو مناخ ما.
تفتح هذه الكتابات وما شابهها، الباب أمام الاجتهادات في كل بلد لتطوير الخبر البيئي، ليصبح بحيوية وجاذبية وانتشار وتجدد الخبر السياسي والفني والكروي، ويرى خبراء أن القصة ليست صعبة حيث إن في سابقة الخبر الاقتصادي الذي كان يوماً جافاً وتخصصياً وأكاديمياً، ما يستدعي الاستلهام، خصوصاً أن الأخير، أي الخبر الاقتصادي، أصبح في أحايين كثيرة أول ما يفتح عليه القارئ من مختلف التوجهات والمشارب الصفحة.
• التغطيات البيئية والمناخية الصحافية الخاصة بموضوع التغير المناخي فقط، ارتفعت من 87 ألف موضوع في عام 2016 إلى 470 ألف موضوع في عام 2021.