الأخبار في خطر

اتفق كثير من المراقبين على أن المؤشر الأكثر خطورة الذي يهدد الصحافة اليوم هو اهتزاز الخبر قيمة وصدقية، وتأكدت هذه المخاوف بعد صدور التقرير السنوي للإعلام الرقمي لـ«رويترز» لعام 2022، والذي نوه بهذه الظاهرة وسماها ظاهرة «إرهاق الأخبار»، التي أبرز مظاهرها، اهتزاز موثوقية الخبر من جهة، بعد أن اختلط الحابل بالنابل بسبب وسائل التواصل الاجتماعي، وميل الجمهور إلى مواد التسلية والمتعة من الأخبار.

وطبقاً لصياغة تقرير «رويترز» المشار إليه، فإنه من الملاحظ أن «ثمة انخفاضاً مستمراً في معدلات التفاعل النشط مع الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، يترافق مع ما يعرف بالاستهلاك السلبي للأخبار، والذي يعني متابعة الأخبار دون التشارك فيها أو التفاعل معها بأي شكل من الأشكال». وذكر التقرير أن «من ضمن 46 سوقاً إعلامية تم رصدها، هناك 22% ممن تم استطلاعهم تفاعلوا أو علقوا على الأخبار بتراجع قدره 11% عما كان الأمر عليه في 2018».

وعلى الرغم من وجود تحليلات صحافية، قللت من خطورة التقرير، وقالت إن هذه النتيجة التي وصل إليها التقرير تنطبق فقط على فئة عمرية شبابية أو نطاق جغرافي معين، إلا أن ما أشار إليه التقرير يتماشى مع نتيجة وصلت إليها تقارير وورش إعلامية أخرى.

وترى الخبيرة الإعلامية الهندية، من معهد ديروباي امباني للإعلام والاتصال والتكنولوجيا فينيت كاول، أن هذا المؤشر منح الصحافة الورقية فرصة العمر للبقاء بعد أن تكاثرت عليها عوامل الفناء، كون الصحافة الورقية «الوحيدة القادرة على تدقيق وتوثيق الخبر».

وتقول كاول إن «الصحافة الورقية هكذا خلقت لتبقى، لأن الصحافة الرقمية أنتجت طوفاناً هائلاً من المعلومات والروابط تجعل لزاماً على الصحافة الورقية أن تغربلها وتفرز الغث من السمين فيها لتقديمه إلى قرائها الذين لن يقرأوا كل شيء بالتأكيد، فتعطيهم زبدة ما في العالم من أخبار ومعلومات».

ويمنح هذا الرأي فرصة تاريخية للخبر الورقي، لكنه لا ينفي التحدي الآخر الذي يواجه الخبر، وهو طبيعته وماهيته، بحسب إجماع خبراء الإعلام. فالخبر من حيث المضمون لم يعد هو ذلك فقط المتعلق بالنخب السياسية والاجتماعية والاقتصادية كما كان الأمر في السابق، لأن صحة «انفلونسرز» اليوم أهم أحياناً من خبر سياسي، كما أن الخبر لم يعد مقترناً بصوت وصورة، على مستوى الشكل وأصبح أحياناً أقرب إلى الشائعة، في وقت زحفت فيه وسائل الملتيميديا حتى إلى أشكال أدبية رصينة مثل «الشعر التفاعلي الرقمي». الخبر في خطر، لا شك، لكنه ليس في اتجاه الموت، وإنما في اتجاه تحدٍ وإعادة إنتاج نفسه ليعود ربما أكثر حيوية.

• من الملاحظ أن «ثمة انخفاضاً مستمراً في معدلات التفاعل النشط مع الأخبار على مواقع التواصل الاجتماعي، يترافق مع ما يعرف بالاستهلاك السلبي للأخبار».

الأكثر مشاركة