جنود إسرائيليون تم أسرهم خلال الحرب. أرشيفية

صراع الأرشيفات

بمناسبة الذكرى الـ50 لحرب أكتوبر، أطلقت إسرائيل أرشيفاً إلكترونياً كان يتم إعداده منذ عامين ونصف العام، حول ما وقع عام 1973 سياسياً وعسكرياً، وتستهدف إسرائيل منه محاولة فرض الرواية الإسرائيلية للحرب بكل حذافيرها على المشهد.

الأرشيف الإسرائيلي صحبته دعاية واسعة قبيل وأثناء إطلاقه. وطبقاً لرواية «جيروزاليم بوست»، تم وصف الأرشيف من قبل القادة الإسرائيليين بأنه سيكشف كواليس لحوارات القادة الإسرائيليين أثناء الحرب، التي يُقر بأنها كانت «صدمة الإسرائيليين»، وإن كان ينكر ما استُقر عليه عالمياً أنها كانت هزيمة لهم، ويشير إلى أنهم خسروا فيها 2656 قتيلاً، و7200 جريح، ومئات الأسرى، بحسب الأرقام الإسرائيلية. كما يضم الأرشيف 3500 ملف، منها 1400 ملف ورقي، ويضم أيضاً 1550 صورة و10 مستندات صوتية، و150 نصاً كتابياً جديداً.

ويقول ناطق باسم رئاسة الوزراء الإسرائيلية، التي سيصبح الأرشيف تابعاً لها، إنه سيروي «من وجهة النظر الإسرائيلية طبعاً»، «تفاصيل الحرب على الخطوط الأمامية والجبهة وفي الداخل الإسرائيلي وفي أروقة الحكومة الإسرائيلية دقيقة بدقيقة، بحيث يصبح متاحاً بالكامل للجمهور، ويكون بالإمكان للباحثين استخدام الوثائق الأصلية ليضعوا أيديهم على نبض ما جرى مباشرة (بحسب الادعاء والتعبير الإسرائيلي)، وأنه، أي الأرشيف، سيضم «محاضر لاجتماعات حكومية، بما في ذلك النقاشات التفصيلية بين رئيسة الوزراء الإسرائيلية، وقتها، غولدا مائير، والمستوى الأمني قبيل الحرب، وشهادات رفيعة المستوى وأنها «تشمل المدى الزمني لحظة صنع القرار في لحظة افتقاد اليقين (عندما فوجئت إسرائيل بالحرب)، وحتى الوصول إلى اتفاق فصل القوات الإسرائيلية المصرية عام 1974».

وتصف كبيرة الأرشيفيين الإسرائيليين، ريتي إبراموفيتز، الأرشيف، بأنه «سيوثق تأثير الحرب في الشارع»، وأنه «الجهد الأكبر من نوعه في تاريخ الأرشيفات الإسرائيلية».

ويستقبل المراقبون الإعلاميون الحديث الإسرائيلي عن مستوى إسهام الأرشيف بشيء من الحذر، لأنه كثيراً ما تصبح الأرشيفات ذاتها ليست أداة لبسط الحقيقة، وإنما وسيلة للتشويش عليها، أو سلاحاً لفرض رواية، والتعمية على رواية أخرى، كما أن هناك روايات يمكن أن تكون محل جدل وأخرى يتم تسريبها كمسلّمات. وهناك صراعات داخلية مثل تلك التي كان يقودها رئيس المخابرات العسكري أيلي زعيرا التي وثقها في «تقرير إجرانات» الشهير.

ويبقى أن الأرشيف الإسرائيلي رغم أي مبالغات سيظل رواية طرف من جهة، وطرف هزم في الحرب، وفوجئ بها، من جهة أخرى. ولكن هذا لا ينفي أهمية تمحيص رواياته، وأهمية ظهور أرشيفات عربية، وتحولها من ردة الفعل إلى التأريخ لحرب لاتزال أهميتها بالدرجة نفسها، رغم مرور نصف قرن على وقوعها، بحسب متابعات المحللين.

• الأرشيف الإسرائيلي صحبته دعاية واسعة قبيل وأثناء إطلاقه.   

الأكثر مشاركة