رغم تاريخ طويل من القمع
نساء ميانمار يناضلن من أجل مستقبل جديد في وجه الجيش
سيلاحظ العالم أن النساء يتقدمن الخطوط الأمامية لثورة ميانمار، حيث قامت الناشطات، والمسؤولات المنتخبات والصحافيات أمثال: أي ثنزار مونغ، ثنزار شونلي يي، وواي هانين بويت ثون، وأخريات بلعب أدوار مهمة.
وافترض كثيرون أن هذه شراسة أنثوية مكتشفة حديثاً، ولكن منذ عصر الملكة القديمة بوا سو حتى أول طبيبة جراحة امرأة وهي داو سو سا التي حصلت على شهادتها عام 1911، كانت النسوة في ميانمار قويات، وربما أكثر قوة من الرجال، ولكن الحقيقة المحزنة أن قضية النساء في هذا البلد تراجعت نحو 60 عاماً نتيجة قمع الجيش لهن.
وخلال الأسبوع الماضي وإبان مراجعتي للأدلة المقدمة من مجموعة نسائية في ميانمار إلى تحقيق لجنة الشؤون الخارجية في المملكة المتحدة بشأن أزمة ميانمار، سبب لي اطلاعي على الأعمال الوحشية التي ارتكبها الجيش، الكثير من الحزن. وقتل نحو 50 امرأة خلال الاحتجاجات حتى الآن، في حين تم اعتقال نحو 800 امرأة أخرى. وتشكل النساء نحو 60% من المشاركين في حركة العصيان المدني، وهي حركة احتجاج سلمي تهدف إلى المواجهة مع الجيش، وهن يواصلن التعرض للمضايقات والاعتداء الجنسي، والتهديدات من الجيش. ومن ضمن هؤلاء نجوم سينما يتمتعن بالشهرة أمثال بيانغ فيو ثو، وماري ثيو خاين، واللتين تم توجيه تهم لهما بموجب المادة 505 من قانون العقوبات في ميانمار، وهو تشريع عقابي غير عادل يعود إلى مخلفات الفترة الاستعمارية، والذي يجرم حرية التعبير. وقام الجيش بتعريض النساء السجينات للمزيد من التعذيب والمهانة.
ويعكس جزء كبير من هذه المعاملة مدى الكره الذي يكنه الجيش للنساء، والمتخفي تحت عباءة السلطة الأبوية لجيش ميانمار وهو أمر يعتز به للغاية، بعد أن سلطه على قلوب وعقول الشعب في ميانمار. ويعلن الجيش نفسه بأنه والد الأمة، ولكن هذا الوالد يتعامل مع أبنائه على أنهم أقل من الكائنات البشرية.
وقبل سقوط ميانمار، التي كان يطلق عليها بورما، تحت طغيان الجيش عام 1962، النساء كنّ يتمتعن بدرجة غير عادية من الحرية والسلطة. وفي عام 1919، تم تشكيل أول اتحاد للمرأة، وفي عام 1932 تم انتخاب داو هنين ميا باعتبارها أول امرأة مستشارة في البلاد، وفي عام 1952 أصبحت كاريبي لبا مونغ تشين أول وزيرة امرأة في الحكومة. وكانت النساء البورميات يحافظن على أسمائهن كما كانت قبل الزواج، وكذلك ممتلكاتهن، وكن يعملن في القضايا المالية، ويتمتعن بحق التصويت منذ عام 1922، أي بعد أربع سنوات من حصول النساء في المملكة المتحدة على حق التصويت. وكتبت عالمة الأنثروبولوجيا الشهيرة ميلفرد سبيرو تقول «النساء البورميات من بين الأكثر حرية في آسيا».
وكانت العديد من الشركات الناجحة مملوكة للنساء بما فيها شركة ناغا سيغار، التي أسستها نغا داو وكذلك سوق الورق التي أسسته داو تين تين، التي كانت تعمل أيضاً عضواً في غرفة التجارة البورمية. وبعد فترة قصيرة من انقلاب عام 1962 تم إغلاق شركات جميع النساء، من قبل الجيش الذي أصر على أن النساء يجب ألا يمتلكن أي شركات أو سلطة ونفوذ.
كانت فكرة تولي المرأة للسلطة تثير مقت الجيش وغضبه لدرجة أنه عندما حدث ذلك خلال وجود أونغ سان سو تشي في السلطة، قام الجنرالات بمنع الناس من ذكر اسمها أو عرض صورها. وخلال عقود حكمها لم يكتف الجيش بتهميش النساء بالمعنى المالي، والثقافي، والسياسي، وإنما قاموا بالتعامل معهن بوحشية، خصوصاً النساء من ذوي الأقليات أمثال أقلية راكين، وشان، والروهينغا، وكاتشين، حيث قاموا بحملات من الاغتصاب والأشكال الأخرى من العنف والإرهاب. ولهذا ليس من المدهش أن النساء بدأن القتال إلى جانب الرجال في المنظمات العرقية المسلحة. ولم تخمد نيران المقاومة الأنثوية في ميانمار على الرغم من بذل الجيش لأسوأ الجهود لتحقيق ذلك.
• تشكل النساء نحو 60% من المشاركين في حركة العصيان المدني.
ميمي آي ■ كاتبة بريطانية من أصل بورمي
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news