صيدها أصبح مسألة سياسية مع عودة تكاثرها بعد أن شارفت على الانقراض

الرعاة الإسبان يبتكرون أساليب للتعايش مع الذئاب الأيبيرية

صورة

كاد الذئب الأيبيري أن ينقرض ويختفي من على وجه الأرض في إسبانيا وأوروبا، فقد تعرضت هذه الحيوانات للصيد الجائر لعدة قرون وشارفت على الانقراض تقريباً، ولجأت إلى المناطق التي يتعذر الوصول إليها، أو ذات الكثافة السكانية المنخفضة. والآن بفضل المواقف المتغيرة وزيادة الحماية، بدأت أعداد الذئاب في أوروبا تتعافى ببطء، وتعود تدريجياً إلى أراضيها السابقة. وفي إسبانيا حيث تضاءل عدد الذئاب الأيبيرية بين 200 و500 ذئب بحلول السبعينات، فقد وصلت الآن إلى أعلى عدد في القارة. ومع عودتها، اشتد الصراع القديم بينها وبين الرعاة. ويحاول الرعاة في المستوطنات الرعوية في تلال شمال إسبانيا، اتخاذ استراتيجيات جديدة في محاولة للتعايش مع هذه الحيوانات.

استغرق تكاثر أعداد الذئاب في إسبانيا عقوداً من الزمن. في سبعينات القرن الماضي، عندما كانت هذه الحيوانات على شفا الانقراض، بدأ عالم الطبيعة فيليكس رودريغيز دي لا فوينتي، حملة لإنقاذها. وأسهم عمله - إلى جانب عمل المنظمات الأخرى - في إحداث تغيير كبير في العقلية المحلية. كان صيد الذئب الأيبيري مباحاً قانوناً في أي وقت، لكن جهود هذا العالم حددت وقتاً وطريقة لصيده. وفي تسعينات القرن الماضي، بدأ الذئب يظهر من جديد على استحياء في الأماكن التي اختفى فيها منذ فترة طويلة. ومنذ عام 2021 صدر قانون يمنع صيده بتاتاً، لكن خلال العام الماضي أصبحت مسألة صيد الذئاب مسألة سياسية مرة أخرى في إسبانيا، حيث نظمت الأحزاب اليمينية حملات قبل الانتخابات المقررة في يوليو، ورفعت شعار قانونية اصطيادها مرة أخرى. ويعود السبب في ذلك إلى أن تكاثر أعداد الذئاب يمكن أن يؤدي في نهاية الأمر إلى انخفاض كبير في عدد الماشية.

نشأت صوفيا غونزاليس بيرداسكو راعية للغنم في شمال إسبانيا، بين جبال متنزه سومييدو الطبيعي في أستورياس ومراعي سانتا مارينا على الساحل. عندما كانت طفلة، كانت تذهب للنوم لتستمع إلى قصص مثل قصص ذات الرداء الأحمر، لكنها كما تقول «لم تكن قصصاً، بل تجارب من الحياة الواقعية».

كانت والدة غونزاليس بيرداسكو ترسل بناتها الصغيرات لرعاية الماعز في الجبال بسبب وجود الذئاب. وفي أحد أيام الصيف، بينما كانت غونزاليس بيرداسكو ترعى الماشية، اقترب منها ذئب. كانت تبلغ خمس سنوات، وكانت هذه هي المرة الأولى التي ترى فيها الذئب وجهاً لوجه. وشاهدت الذئب يأخذ أحد صغار الماشية ويختفي. وتقول: «بالنسبة لنا، حيواناتنا مثل عائلتنا، وعندما يأتي الذئب ويقتل أحدها، فإن الأمر مؤلم». لكنها تقول في الوقت نفسه: «أعتقد أن الذئاب قتلت عجلاً، لأنه كان عليها إطعام صغارها، تماماً كما أُطعم أطفالي».

بمرور الوقت، اكتشفت غونزاليس بيرداسكو، أهمية دور الحيوانات آكلة اللحوم الكبيرة في النظام البيئي، وقررت أن عليها كسر الحاجز العقلي المتمثل في الخوف من الذئاب. فقد غامرت بالذهاب إلى التلال بمفردها لقضاء الليل في كيس نومها، في منطقة تكثر فيها الذئاب.

وتعترف بيرداسكو بأنها تتفهم احتياجات الرعاة وقطعان الذئاب إلى العيش جنباً إلى جنب. وتقول: «أرى البعض يعتقد أنه إذا اختفى المزارعون من هنا، يمكن للذئاب أن تعيش». وتضيف: «ثم أستمع إلى العديد من المزارعين الذين يقولون إنه يجب قتل جميع الذئاب، وسيكون ذلك أفضل بالنسبة لنا»، لكنها تقول إنها لا تعتقد أن أياً من الطرفين على حق. وترى أن الذئاب والرعاة يمكنهما التعايش جنباً إلى جنب.

تربية الكلاب لحماية الأبقار

يعيش الراعي فرناندو رودريغيز تابارا في قرية سيرديلو في منطقة سانابريا، وهي واحدة من أكثر مناطق الذئاب كثافة في أوروبا، ويملك مزرعة ورثها عن والديه تضم أكثر من 100 بقرة، ويعرف الكثير عن سبل التعايش مع الذئاب. ويتمثل ذلك في جيشه الكبير من الكلاب. ويقول مبتسماً: «الآن أستطيع أن أنام بهدوء».

وتقول والدته، لويزا تابارا، إن الأمر لم يكن دائماً على هذا النحو. «في عام 2012 قتلت الذئاب 12 عجلاً، وكانت مأساة». وتضيف: «بالنسبة لي، أبقاري هي جزء من عائلتي». ويقول رودريغيز تابارا، إنه في تلك الأيام أعطاه بعض الجيران كلاباً من نوع (الدرواس) لتربيتها إلى جانب الأبقار لحمايتها من الذئاب. يقول: «نضع الكلاب في الإسطبل مع العجول منذ صغرها، وفي النهاية تشعر وكأنها جزء من القطيع». ويختتم بقوله: «لقد أدركنا أن كلاب الدرواس حلت المشكلة».

تويتر