المرصد

«ظاهرة تجنُّب الأخبار»

انتبه العالم لظاهرة تجنب الأخبار من قبل القراء أخيراً بشكل أكثر تركيزاً، بعد أن نشرت الصحافية الأميركية أماندا ربيلي مقالاً في صحيفة «واشطن بوست» الأميركية بعنوان «أنا صحافية توقفت عن قراءة الأخبار، فهل المشكلة فيّ أم في المنتج؟».

عبرت ربيلي في المقال عن مشاعر يحسها كثيرون دون أن يعلنوا، وقالت في المقال: «كنت أبدأ يومي بقراءة الأخبار، والتعرف إلى ما يجري في العالم، لكني منذ ست سنوات بدأت أشعر بالإرهاق الشديد. كثير من الصحافيين أخبروني بأنهم توقفوا عن مطالعة الأخبار رغم أن هذا من صميم عملهم، وأربعة من كل ستة أميركيين من الجمهور العادي توقفوا أيضاً عن قراءتها».

بدوره، أقر معهد «رويترز» بوجود الظاهرة، وفسرها في تقرير أخير له بأنها تعود إلى «سلبية التغطية الإعلامية»، وعدم مصداقية بعض وسائل الإعلام، واستخدامها لصيغ مكررة.

كذلك خصص مؤتمر «رابطة الأخبار على الإنترنت»، الذي عقد في فيلادفيا بالولايات المتحدة نهاية العام الماضي، بحسب ما نشر موقع «سي.إن.إن»، ندوة كاملة بعنوان «مكافحة تجنب الأخبار بين الجمهور»، قالت فيها الباحثة كريستين إيدي إن «أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة أو حرب أوكرانيا لم تؤديا إلى ارتفاع استهلاك الأخبار كما حدث في أزمة كورونا، وإن الجمهور يحتاج الآن إلى سماع أخبار إيجابية وقصص نجاح ملهمة، وإلى صحافة الحلول والصحافة البناءة».

وفي مطلع العام الجاري أصدر ثلاثة من الكتاب الأميركيين هم بنجامين توف وروث بالمر وراسموس كلايزنيكسين، كتاباً جديداً في حقل الإعلام عنوانه «تجنب الأخبار.. جمهور الممانعة الصحافية»، تطرقوا فيه بشكل أشمل من الكتابات السابقة بشأن الظاهرة ذاتها، حيث تناولوها عالمياً، مشيرين في تناولهم إلى أن الجمهور المشار إليه «يشعر بأنه ليس لديه وقت لقراءة الأخبار»، و«ربما لا يصدقها، أو يشعر بأنها لا تستحق الجهد والعناء الذي يقدمه لها، أو لا يثق بها».

وتطرق الكتاب إلى تشريح المجموعات الأقل والأكثر تحاشياً للأخبار، وكيف يمكن أن يشكل هذا التحاشي مشكلة للأفراد والمجتمع وصناعة الأخبار على حد سواء.

واعتمد الكتاب في استنتاجاته على مجموعة مقابلات أجروها في الولايات المتحدة وبريطانيا، وتوصل إلى أن ظاهرة تجنب الأخبار لا تتعلق فقط بمحتوى هذه الأخبار المباشر، وإنما بهويات وأيديولوجيات أصحابها وبنيتهم الثقافية، وتناسب الأخبار أو عدم تناسبها مع الحياة اليومية الجارية المباشرة.

إن رصد هذه الظاهرة وربطها بواقع وحقائق الكوارث والحروب والفظاعات الطبيعية والإنسانية التي نعايشها صحيح، ولكن يظل هذا الرصد ناقصاً ما لم يُشر إلى دور مقابل مطلوب من الصحافة والصحافيين لتقديم شكل أقل إثارة للخوف والفزع لهذا الواقع وهذه الحقائق.

تويتر