تجار برازيليون غاضبون من إغلاق سوق تاريخية
حتى الشهر الماضي استمرت سوق «أكاري» في الازدهار، والتي تشتهر بأسعارها المنخفضة إلى حد مثير للريبة. وتأسست سوق الضواحي المزدحمة في ريو دي جانيرو البرازيلية عام 1970، لكن مع بزوغ الفجر قبل أسبوعين لم يكن من الممكن رؤية سوق أكاري بعد أن أمر عمدة المدينة إدواردو بايس بإنهاء مفاجئ لوجودها الذي دام نصف قرن.
وقال دانييل ريبيرو (53 عاماً) وهو يتجه إلى مكان السوق، حيث يعمل منذ أكثر من 40 عاماً: «إنه أمر لا يصدق». وبدلاً من الأكشاك الخشبية المكدسة بالبضائع والملابس المستعملة، وجد ريبيرو عشرات من ضباط الشرطة والحراس يحملون أسلحة وبنادق مكافحة الشغب، مدعمين بكلاب بوليسية لإبعاد التجار الغاضبين.
ويبرر مجلس المدينة الحملة من خلال الادعاء بأن رجال العصابات استولوا على السوق واستخدموها لبيع البضائع المسروقة. وقال مسؤول النظام العام في ريو دي جانيرو، برينو كارنيفال، وهو رئيس سابق للشرطة مكلف بإغلاق السوق: «كانت السوق معروفة باسم (روبوتو للسيارات المسروقة)».
اكتسبت سوق أكاري هذا اللقب منذ عقود مضت بفضل التجارة المزدهرة في قطع غيار السيارات المسروقة، لكن كارنيفال قال إن إطارات السيارات والأبواب الخلفية لم تكن الأشياء الوحيدة المعروضة. وتعمل عصابات ولصوص البضائع منذ فترة طويلة في المكان، حيث تقوم باختطاف الشاحنات التي تنقل الأجهزة المنزلية والملابس والأدوية وإعادة بيع البضائع في السوق أو توزيعها على الأحياء الفقيرة القريبة.
وقال كارنيفال: «لسوء الحظ فإن 30% من جميع سرقات البضائع في البرازيل تتركز هنا في ريو حالياً»، مضيفاً أنه شهد العواقب المميتة لمثل هذه السرقات أثناء خدمته في فرقة المداهمة والضبط. ويُزعم أيضاً أن تجار الحيوانات استخدموا السوق، فقد تم القبض على رجل وهو يبيع طائراً ذا منقار برتقالي مقابل 955 جنيهاً إسترلينياً.
واعترف كارنيفال بأن جميع التجار لم يكونوا متورطين في الجريمة، وأن الكثيرين اعتمدوا على السوق من أجل البقاء. وتعد المنطقة موطناً لثلاثة من أكبر الأحياء الفقيرة في المدينة المترامية الأطراف، وهي تشاباداو، وأكاري، ومورو دا بيدريرا، وتعاني أدنى مستويات العمر المتوقع في المدينة.
وتجار أكاري غاضبون من الإغلاق، وكما يرون فإن الدولة صنفتهم على أنهم «محتالون».
ويقول ريبيرو: «يعمل الكثير من الأشخاص المحترمين هنا»، ويضيف بائع المقالي الهوائية وآلات صنع الفشار والمراوح بأسعار مخفضة: «كأنهم يقولون إننا مجرد تجار مخدرات ولصوص». ولم ينفِ البائع وجود بعض العيوب، قائلاً: «إذا كان هناك أشخاص يفعلون الشر هنا فيمكنني أن أخبرك بكل تأكيد أن نسبتهم لا تتعدى 5%».
وكانت لوسيانا رودريغز، وهي بائعة ملابس تبلغ من العمر 49 عاماً، غاضبة أيضاً: «عليهم التحري والتأكد من الأشخاص، لكن هذا ليس ما يفعلونه». وتتابع البائعة التي تعيش في بيدريرا، وهي منطقة عشوائية تقع على قمة تل وتطل على السوق: «إنهم يعاملوننا جميعاً كاللصوص».
وقال سيرجيو لويس لوبيز دا سيلفا، وهو بائع مصابيح يبلغ من العمر 55 عاماً، إن «سوق أكاري - حيث يعمل مع ابنه المراهق - كانت على وجه التحديد هي الشيء الذي منع المراهق من الوقوع في الجريمة». وأوضح سيلفا: «الأيدي العاطلة هي ورشة عمل الشيطان. لقد تعلمت ذلك من والدي». ونسب الفضل إلى السوق في مساعدته على الهروب من الفقر بعد هجرته إلى ريو في عام 1986 من شمال شرق البرازيل الأقل نمواً، وقال: «لقد جئت على ظهر شاحنة مواشٍ، واليوم لدي منزل أعيش فيه وسيارة أقودها».
• اكتسبت سوق أكاري هذا اللقب بفضل التجارة المزدهرة في قطع غيار السيارات المسروقة.
مكان غني
أشاد تجار في السوق التي تم إحياء ذكراها قبل أشهر باعتبارها «موروثاً ثقافياً». وقالت ألين سانتوس، وهي بائعة الشوكولاتة البالغة من العمر 39 عاماً: «من الناحية الثقافية هذا مكان غني»، متابعة: «يمكنك العثور على التحف والكتب والأقراص المدمجة». وأضافت سانتوس بينما تجمّع التجار المحتجون في السوق المغلقة حاملين ملصقات تدين تحرك الحكومة: «هناك شيء هنا للجميع».