تحقيق يكشف عن فضائح المحسوبية والفساد الممنهج داخل قيادة شرطة الكابيتول

كشف تحقيق أجرته شركة «بليز ميديا» أن الفساد متوطن على أعلى المستويات في شرطة الكابيتول بالولايات المتحدة، خصوصاً بين العملاء الخاصين والضباط الذين يخدمون في قسم حماية الشخصيات البارزة بالإدارة. وتظهر تقارير الانضباط الداخلي نمطاً من تلاعب الضباط في أداء مهامهم. وأظهرت تقارير الانضباط التي حصلت عليها «بليز ميديا» أن الحالات المؤكدة من الاحتيال والتزوير والسرقة والحنث باليمين والقيادة تحت تأثير الكحول أثناء الخدمة، والتي تعود إلى أواخر التسعينات، أدت إلى الترقيات بدلاً من الفصل والملاحقات القضائية.

وتورط مسؤولون رفيعو المستوى في شرطة الكابيتول بمن فيهم نائب الرئيس الحالي ومساعد الرئيس، وواجهوا التوبيخ واحتمال إنهاء الخدمة بسبب خطة احتيالية لدفع أجور العمل الإضافي، حيث احتالوا على الحكومة بعشرات الآلاف من الدولارات، وفقاً للوثائق التي حصلت عليها «بليز ميديا».

وذكرت مجلة «ناشيونال جورنال» للمرة الأولى عن مخطط أجور العمل الإضافي في يوليو 2014، لكنها لم تذكر أسماء الضباط المعنيين. واعتمدت قصة مجلة «ناشيونال جورنال» جزئياً على رواية الرقيب المتقاعد، رودا هندرسون، ومبلغ المخالفات في شرطة الكابيتول. وفي مقابلة حصرية مع «بليز ميديا»، أكدت هندرسون أن الضباط المتورطين هم مساعد رئيس شرطة الكابيتول الحالي شون غالاغر، ونائب الرئيس الحالي جون إريكسون، وويندي كولمور التي تشغل الآن منصب مدير العمليات المركزية في مراقبة السلاح بمجلس الشيوخ الأميركي.

كان غالاغر يحمل رتبة نقيب ويعمل مع مجموعة حماية رفيعة المستوى، ويمثل «زعيم العصابة» المزعوم في وقت وضع مخطط رواتب العمل الإضافي، بينما كان كل من إريكسون وكولمور يحملان رتبة ملازم تحت قيادة غالاغر.

وأخبرت هندرسون «بليز ميديا» بأن المخطط استمر «لمدة عام على الأقل»، وعلى الرغم من أنها لم تشارك في تدقيق الجريمة، فقد سرق الضباط الثلاثة ما يزيد على 10 آلاف دولار من أموال شرطة الكابيتول. وأوضحت أيضاً أن سلطات شرطة الكابيتول شككت في قصتها أولاً حتى تمكنت من رصد السجل الورقي للمخطط. واستفسرت «بليز ميديا» عما إذا كانت هناك أي متابعة لهذه القصة من أي وسيلة إعلام أخرى في العاصمة. وأوضحت هندرسون أن مقابلتها مع مراسل مجلة «ناشيونال جورنال» بيل هاوس، كانت المرة الوحيدة الأخرى التي اتصل بها أحد الصحافيين حتى الآن.

خيبة أمل

أعربت هندرسون لـ«بليز ميديا» عن خيبة أملها من قيادة شرطة الكابيتول في كيفية تعاملهم مع هذه «الجنايات» - الجرائم التي كان ينبغي إنهاء خدمة الضباط الثلاثة بسببها. وقالت إنها قدمت في البداية فواتير العمل الإضافي المشكوك فيها إلى مسؤولي الوزارة بدءاً من صيف عام 2012. وقالت إن ذلك شمل التحدث إلى قسم الشؤون الداخلية (الذي يسمى الآن مكتب المسؤولية المهنية)، ومكتب شرطة الكابيتول، والمفتش العام، كما زودت مسؤولي الإدارة بجميع الوثائق اللازمة لدعم ادعاءاتها.

ونتيجة للتحقيق تم إيقاف الضباط الثلاثة عن العمل، حسبما أظهرت الوثائق التي حصلت عليها «بليز ميديا»، وأكد ذلك مصدر مقرب من التحقيق. وقالت هندرسون لصحيفة «ناشيونال جورنال» في عام 2014: «لو كنت أنا أو أي ضابط آخر (أولئك الذين ليسوا جزءاً من طاقم القيادة) ارتكبوا هذه الجريمة لكنا قد طُردنا»، مضيفة: «ليس هناك شك في أنه من الممكن أن يُسمح لنا بالبقاء في وظائفنا لأكثر من عام دون اتخاذ قرار».

من مزور إلى مفتش

في سياق تحقيقاتها حصلت «بليز ميديا» على 22 صفحة من وثائق شرطة الكابيتول متعلقة بتحقيقات الإدارة مع غالاغر وإريكسون وكولمور وكانت التفاصيل صادمة. وتكشف مذكرة شرطة الكابيتول بتاريخ 11 يوليو 2013 أنه عندما استجوبه محققو الإدارة ادعى النقيب آنذاك غالاغر أن المخطط كان فكرة كولمور، ومع ذلك كان غالاغر هو المشرف على كل من كولمور وإريكسون، وكان ينبغي أن يكون غالاغر على علم تام بعدم قانونية وانتهاك قواعد القسم التي يمثلها هذا المخطط. وكان من مسؤوليته - حتى لو كانت «فكرة» كولمور - أن يوقف المؤامرة قبل أن تمضي قدماً، وبدلاً من ذلك فقد انخرط بشكل كامل في المخطط بنفسه، حسبما أظهرت الوثائق وأكد مصدر مقرب من التحقيق. وفي الواقع أثناء تقديم طلبات دفع أجور العمل الإضافي كل أسبوعين، كان غالاغر بصفته مشرف إريكسون وكولمور هو الذي كان يوقع على الطلبات الاحتيالية، كما تظهر الوثائق وكما أكد مصدر مقرب من التحقيق.

وتكشف وثائق شرطة الكابيتول عن السلوك المشين الذي تبناه غالاغر، والذي تمت ترقيته إلى مفتش في 10 يونيو 2018. ولإخفاء مخطط العمل الإضافي، اكتشف المحققون أن غالاغر قام بتزوير اسم مشرفه، المفتش دانييل بي مالوي، على دفعات العمل الإضافي الخاصة به. ولاحظ المحققون أن غالاغر كان يستخدم دائماً قلماً بحبر بلون مختلف عن توقيعه عند تزوير توقيع مشرفه.

وفي تحقيق أجراه مكتب المسؤولية المهنية عام 2012، والذي تضمن أيضاً مزاعم التزوير، ادعى غالاغر أن «المستندات المزورة التي قدمها للمشرفين للتوقيع عليها لم تتمخض أبداً عن تحقيق مكاسب شخصية»، ولكن وفقاً لمعايير الشرطة، فإن الكذب على مكتب المسؤولية المهنية يشكل في حد ذاته مبرراً لإنهاء الخدمة.

سلوك مخالف للوائح

وقال ثلاثة ضباط سابقين في شرطة الكابيتول، وافقوا على التحدث بشرط عدم الكشف عن هويتهم، إن غالاغر كان متورطاً أيضاً في فضيحة داخلية غريبة، والتي أصبحت تُعرف باسم «ترين غيت». وكان الضابط الرابع وهو الكابتن السابق في شرطة الكابتول إريك كينان، هو الضابط الوحيد الذي تم تأديبه نتيجة التحقيق في هذه الممارسة. وأوضح لـ«بليز ميديا» كيف حصل أكثر من 400 من أفراد شرطة الكابيتول على رحلات مجانية على قطار ركاب منطقة ماريلاند للسكك الحديدية وسكك حديد فيرجينيا السريعة على أساس كاذب بأنهم مكلفون عن الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه، وأنهم يقدمون خدماتهم استجابة لحالات الطوارئ.

ومن خلال ركوب القطارات مجاناً تمتع هؤلاء الضباط بتوفير كبير في تكاليف الوقود ومواقف السيارات، حتى إن سكك حديد ماريلاند وفيرجينيا أصدرت تصاريح سكك حديدية مغلفة للضباط الذين كانوا على استعداد للمشاركة في التدريب الأساسي على إجراءات أمن السكك الحديدية وغيرها من الإجراءات، وشاركت أيضاً وكالات أخرى، بما في ذلك مكتب التحقيقات الفيدرالي، والجمارك وحماية الحدود، والخدمة السرية الأميركية.

وعلى الرغم من أن هذه الممارسة كانت معروفة جيداً حتى إن بعض قادة شرطة الكابيتول شجعوا الضباط ذوي الرتب الأدنى على الاستفادة من توفير التكاليف، فإنها كانت تتعارض من الناحية الفنية مع لوائح الوزارة. وقال كينان، الذي ترك الوزارة في عام 2020 بعد 24 عاماً ويعمل الآن في مكتب الحماية من القنابل التابع لوزارة الأمن الداخلي، إن البرنامج غير الرسمي «كان يسير على ما يرام» حتى أواخر عام 2018، عندما قام ضابط لم يكن لديه تصريح ركوب في القطار بإبراز شارته للحصول على رحلة مجانية.

وقال كينان إن إظهار الشارة للحصول على خدمات مجانية من أي نوع - سواء للحصول على رحلات مجانية بالقطار أو وجبات الغداء أو القهوة أو الكعك - يعد مخالفاً للسياسة. وأخطر أحد مسؤولي قطار ماريلاند قسم شرطة الكابيتول، والذي أحال بعد ذلك المخالفة إلى مكتب المسؤولية المهنية، وعلى حد تعبير كينان: «أثارت عاصفة نارية».

ومع بدء تحقيق الشؤون الداخلية، قال كينان إنه أرسل بريداً إلكترونياً إلى لجنة العمل بشرطة الكابيتول الأميركية يشجب فيه ما أسماه «مطاردة الساحرات»، ويستخدم لغة مهينة أخرى موجهة إلى ضباط التحقيق. وتم إرسال البريد الإلكتروني الخاص بكينان من قبل النقابة العمالية إلى الرئيس آنذاك ماثيو ر. فيرديروسا، ما أدى إلى اتخاذ إجراءات تأديبية ضد كينان بتهمة «السلوك غير اللائق» لضابط من شرطة الكابيتول، وتم إيقافه ثلاثة أيام.

وكشفت فضيحة «ترين غيت» في نهاية المطاف عن المحسوبية والفساد الممنهج داخل قيادة شرطة الكابيتول، حيث وجد التحقيق أن العديد من الضباط «الأكثر تفضيلاً» في القيادة العليا قد حصلوا على رحلات مجانية. الاسمان اللذان ذكرهما كينان هما مساعد الرئيس السابق يوغاناندا بيتمان ومساعد الرئيس الحالي شون غالاغر. ولم ترغب قيادة شرطة الكابيتول في معاقبة كبار ضباطها المفضلين الذين شاركوا في البرنامج. وأوضح كينان أن تأديب الضباط ذوي الرتب الأدنى وليس الضباط ذوي الرتب الأعلى كان من شأنه أن يخلق «عاصفة نارية حقيقية»، لذلك أصدرت قيادة شرطة الكابيتول خطاب توبيخ عاماً لجميع المعنيين. عن «بليز ميديا»

. تورط مسؤولون رفيعو المستوى في شرطة الكابيتول، بمن فيهم نائب الرئيس الحالي ومساعد الرئيس، وواجهوا التوبيخ واحتمال إنهاء الخدمة بسبب خطة احتيالية لدفع أجور العمل الإضافي.

. حصل أكثر من 400 من أفراد شرطة الكابيتول على رحلات مجانية على قطار ركاب منطقة ماريلاند للسكك الحديدية، وسكك حديد فيرجينيا السريعة، على أساس كاذب بأنهم مكلفون عن الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه، وأنهم يقدمون خدماتهم استجابة لحالات الطوارئ.