طالت أشجار الكاكاو في أشهر مناطق زراعته
موجة الحر تؤثر في حياة ملايين الأشخاص بغرب إفريقيا
تزامنت مع بطولة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم في ساحل العاج، وتم منح اللاعبين استراحات إضافية لتبريد أنفسهم خلال المباريات لحماية صحتهم.
تعد هذه المنطقة التي تتأثر بهذه الموجة الحرارية من أكبر مصادر الكاكاو في العالم. وقال المزارعون إن الحرارة أدت إلى إضعاف أشجار الكاكاو التي تعرضت للتلف نتيجة سقوط أمطار غزيرة.
ترجمة: حسن عبده حسن
توصلت دراسة إلى أن موجة الحر الشديدة التي ضربت غرب إفريقيا في فبراير، أدت إلى زيادة سخونة المنطقة بمقدار أربع درجات مئوية، وزاد احتمال حدوثها بمقدار 10 مرات نتيجة الاحتباس الحراري الذي يسببه الإنسان.
وأثرت هذه الحرارة في ملايين الأشخاص، لكن عدد الوفيات أو الحالات المرضية الأولية الناجمة عن الحرارة غير معروف، نظراً لعدم وجود تغطية إحصائية مناسبة.
وتعد هذه المنطقة التي تتأثر بهذه الموجة الحرارية هي الأشهر في زراعة الكاكاو وأكبر مصدريه إلى العالم.
وقال المزارعون إن الحرارة أدت إلى إضعاف أشجار الكاكاو التي تعرضت للتلف نتيجة سقوط أمطار غزيرة للغاية في ديسمبر الماضي.
وارتفعت أسعار مادة الكاكاو - وهي المكون الرئيس الذي يدخل في صناعة الشوكولاتة - خلال السنوات الماضية، نتيجة أضرار ناجمة عن المناخ طالت المحاصيل، وأضافت موجة الحرارة المذكورة مزيداً من الضغوط على إنتاج الكاكاو، وعلى المزارعين وصناعة الشوكولاتة. وأشارت الدراسة - التي أجرتها أكاديمية «مجموعة العلماء العالمية المعنية بالطقس» - إلى أن موجة الحر كانت ستحدث أقل من مرة واحدة كل قرن في عالم خالٍ من تغير المناخ.
ولكن بدلاً من ذلك، أصبحت حدثاً يحدث مرة واحدة كل عقد من الزمن، حيث بلغ متوسط زيادة الحرارة العالمية 1.2 درجة مئوية على مدى السنوات الأربع الماضية.
وإذا لم تتناقص الانبعاثات الصادرة عن الوقود الأحفوري - وتزايد الارتفاع في درجة الحرارة إلى درجتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية - فستحدث مثل هذه الموجات الحرارية كل عامين، وفق ما قاله العلماء.
مؤشر الحرارة
وظهرت أشد درجات الحرارة بين 11 و15 فبراير، حيث بلغت ذروة درجة الحرارة أكثر من 40 درجة مئوية، وبلغ متوسطها 36 درجة مئوية. وكانت الرطوبة مرتفعة أيضاً، ما يجعل من الصعب على الأشخاص تبريد أجسامهم عن طريق التعرق.
وبلغ مؤشر الحرارة - وهو مقياس يجمع بين درجة الحرارة والرطوبة ليعكس الشعور بالحرارة - 50 درجة مئوية. وقال الباحث في المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية: «هذا أمر خطر للغاية على جسم الإنسان».
وقال الباحث في وكالة الأرصاد الجوية النيجيرية، واسيوا دينيي إبراهيم: «حدثت موجة الحرارة في فبراير بداية العام، ما يعني أن العديد من الناس لم يتأقلموا مع الحرارة. ومع كل جزء من درجة من الاحتباس الحراري العالمي، ستصبح موجات الحرارة الشبيهة بهذه، أكثر سخونة».
وعلى الصعيد العالمي شهد فبراير الماضي أعلى درجة حرارة تم تسجيلها خلال هذه الفترة من كل عام، ويعد هذا الشهر هو التاسع على التوالي الذي يتم فيه تحطيم الرقم القياسي.
إذ أدت انبعاثات الكربون المستمرة في الارتفاع، وعودة ظاهرة «النينيو»، إلى ارتفاع درجات الحرارة. وأطلقت منظمات الأرصاد الجوية في نيجيريا وغانا تحذيرات متقدمة بشأن الحرارة، لكن العديد من الدول الأخرى التي تأثرت بالحرارة لم تنفّذ التخطيط اللازم للحرارة الخطرة.
وقال المسؤول في مركز المناخ التابع للهلال والصليب الأحمر، ماجا فالبيرغ: «لا يقدّر كثير من الناس أخطار الحرارة المرتفعة التي تعد بمثابة القاتل الصامت». وأضاف: «يمكن أن تكون قاتلة على نحو لا يمكن تصديقه لكبار السن والأشخاص الذين يعانون ظروفاً مرضية، وكذلك العاملون في الهواء الطلق».
ويعيش نحو نصف سكان غرب إفريقيا أيضاً في مساكن غير رسمية، ما يجعل ملايين الأشخاص معرضين بشدة للحرارة الشديدة».
خسائر كبيرة
وقال المزارعون في ساحل العاج، إن الحرارة المرتفعة في فبراير الماضي وقلة الأمطار أدتا إلى إلحاق أضرار بالمحاصيل الزراعية، وكلفتهم خسائر كبيرة.
وفي مارس الماضي توقفت مزارع الكاكاو في هذا البلد وفي غانا أيضاً عن معالجة الكاكاو، أو ربما خففت كثيراً منه، لأن المصانع أصبحت غير قادرة على شراء حبوب الكاكاو، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء. وارتفعت أسعار حبوب الكاكاو إلى معدلات غير مسبوقة من قبل.
وقال بينتو: «ربما أنه كان هناك تأثير لارتفاع الحرارة، إذ إنها أسهمت في زيادة تبخر المياه، وجعلت التربة التي تنمو عليها المحاصيل خالية من الرطوبة».
وقال الباحث في وحدة الطاقة والاستقصاء المناخي في المملكة المتحدة، أمبر سوير: «يكافح المزارعون في دول غرب إفريقيا، الذين يزرعون المكون الأساسي لبيوض عيد الفصح الذي ينتظره العديد منا بفارغ الصبر، في مواجهة ارتفاع الحرارة المفرط، والأمطار الغزيرة. ويمكن أن تقدم الدول الثرية، مثل المملكة المتحدة، الدعم للدول النامية، لكن في نهاية المطاف علينا أن نصل إلى صافي مستوى الصفر في الانبعاثات الغازية. وهناك حدود للظروف التي يمكن أن تنمو فيها المحاصيل».
تكاليف التكيف
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن تكاليف التكيف مع أزمة المناخ للدول النامية تراوح بين 215 و387 مليار دولار أميركي. وقدّم المجتمع العالمي 21 مليار دولار فقط عام 2021. وتزامنت موجة الحرارة مع بطولة كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم في ساحل العاج، لهذا تم منح اللاعبين استراحات إضافية لتبريد أنفسهم خلال المباريات لحماية صحتهم، وعدم تعرّضهم لإصابات قد تكون لها عواقب وخيمة ناجمة عن الارتفاع المفرط لحرارة المناخ في المنطقة.
واستخدم تقرير أكاديمية «مجموعة العلماء العالمية المعنية بالطقس»، معلومات الطقس، وأنماط المناخ لمقارنة تواتر وشدة موجة الحر في عالم اليوم الحار، مع تلك الموجودة في عالم لا يعاني ظاهرة الاحتباس الحراري، وهي منهجية راسخة تم استخدامها في مئات الدراسات حتى الآن.
وتقع المنطقة التي تمت دراستها في جنوب غرب إفريقيا، حيث كانت الحرارة والرطوبة مرتفعتين للغاية، وتشمل العديد من الدول الإفريقية مثل نيجيريا وبنين وتوغو، وغانا وساحل العاج وليبريا وسيراليون
عن «الغارديان»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news