المرصد

الإعلام وخطاب الكراهية

عقد مركز «باميلا هوارد» لتغطية الأزمات العالمية منتدى مطلع العام الجاري لمناقشة قضية «خطاب الكراهية»، ناقش محاور عدة أبرزها آليات التصدي لهذا الخطاب، وتقييم سياقاته، ومعايير المنصات المتباينة للتصدي له.

ويرى خبراء أن قضية مواجهة الإعلام لـ«خطاب الكراهية» معقدة، حيث يختلط لدى الباحثين أهمية دراسة تصدي الإعلام للينابيع التقليدية الموجودة في المجتمعات التي تعزز صناعة الكراهية مثل الثقافات والأفكار السلبية ذاتها، ومواجهة الإعلام للمنصات المختلفة المنسوبة إليه، بوصفها الآليات الأكثر إثارة وتأثيراً لتلك الظاهرة المدمرة، ونموذج ذلك ما يفعله «فيس بوك».

وطبقاً لتعريف الأمم المتحدة لخطاب الكراهية فهو «أي نوع من التواصل الشفهي أو الكتابي أو السلوكي الذي يهاجم أو يستخدم لغة ازدرائية أو تمييزية بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس الهوية، أو على أساس الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق أو أي من العوامل الأخرى المحددة للهوية».

وتظهر الدراسات الإعلامية أن «خطاب إعلام الكراهية» لم يعد يوجد بشكله التقليدي الواضح والبسيط فقط، بل أصبح يتخذ أشكالاً مراوغة تحتاج إلى استقصاء وتتبع، وأن تنويعاته ومجالاته أكثر تشعباً من الفهم الشائع عن مجرد حدوثه في مواجهة جماعة بشرية عرقية بعينها، كما توحي بذلك الصورة النمطية.

وتظهر دراسة نوعية أجراها مكتب الأمم المتحدة للمرأة عام 2020 مثلاً أن العنف على الإنترنت ضد المرأة هو الشكل الأكثر بروزاً من موجات الكراهية التي تشهدها مجتمعات اليوم، وأن 60% من النساء مستخدمات الإنترنت ممن جرت عليهن الدراسة تعرضن للعنف الرقمي، كما توضح دراسة أخرى أجرتها منظمة «اليونسكو» بالاشتراك مع المركز الدولي الصحافة في العام ذاته أن 73% من الصحافيات في العالم تعرضن للعنف الرقمي.

ويتفق الخبراء في أن النقطة الأصعب في قصة خطاب الكراهية لا تتعلق بوجوده العفوي أو الذي يمكن التصدي له بسهولة، وإنما في استخدام الخطاب بشكل متعمد من جماعات بل وحتى من دول كسلاح ضد مجاميع سكانية بهدف تثبيطها وتحقيرها، أو ما يسمونه بـ«الإعلام الأسود». ويشير مقال نشرته «الإنساني» وهي منصة ناطقة باسم الصليب الأحمر، للصحافي محمد علام، أن استخدام هذا الخطاب عبر موقع «فيس بوك» في ميانمار كان النموذج الأوضح في ذلك بحسب توثيق «الأمم المتحدة» ذاتها، حيث أصبح هذا الخطاب أداة في يد المتطرفين، ما أجبر الموقع على حذف حسابات شخصيات عامة ومنظمات لمنعهم من إثارة توترات دينية وعرقية. واللافت كما يشير المقال، أن دراسات لها طابع ميداني في ميانمار تتم من أجل استخدام المنصات الرقمية لزرع التسامح قد تكون ثماره المباشرة ضئيلة لكنه يعطي مساحة للأمل والحلم.

تويتر