الرئيس الفرنسي يزداد عزلةً بسبب المغامرة الانتخابية
تزداد عزلة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بصورة كبيرة بعد قراره في التاسع من يونيو حل الجمعية الوطنية الفرنسية في أعقاب الهزيمة الساحقة التي مُني بها في انتخابات البرلمان الأوروبي، إذ إن حلفاءه القدامى بدأوا بالتخلي عنه.
وفي 23 يونيو وخلال مقابلة مع محطة التلفزيون الإخبارية الفرنسية «إل سي أي» ألمح وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين إلى تحالف محتمل مع رئيس الحكومة السابق إدوارد فيليبي، وقال «عرفت إدوارد فيليبي منذ زمن بعيد، وقلنا لأنفسنا إنه يجب علينا أن نصنع شيئاً معاً في الغد، وربما نتمكن من أن نقوم بشيء يسمح لنا بتحقيق الفوز في انتخابات 2027».
ويأتي هذا التصريح بعد أن أشار جيرالد دارمانين إلى احتمال رحيله عن دوره في الحكومة بعد الانتخابات العامة الفرنسية المبكرة في 21 يونيو. وقال دارمانين «إذا تعرضت للهزيمة فمن الواضح أنني سأستقيل في المساء نفسه. إذا كانت هناك أغلبية فسيختار رئيس الجمهورية حكومته، وإذا فاز اليسار المتطرف أو اليمين المتطرف فمن الواضح أنه اعتباراً من صباح الإثنين لن أكون وزيراً بعد الآن».
وحتى لو فاز حزب النهضة الذي يتزعمه ماكرون فقد لا يتمكن بعد الآن من الاعتماد على دارمانين، الموالي منذ عام 2017، والذي نجا من تعديلات وزارية متعددة. وأضاف «سيقرر الرئيس ماكرون ما الذي سيقوم به، ولكني لن أكون وزيراً ليوم آخر». ويبدو أنه ليس الشخص الوحيد الذي يبعد نفسه عن ماكرون.
قرار الرئيس
وفي 20 يونيو، وخلال مقابلة مع محطة «موند» التلفزيونية الخامسة، هاجم وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مايير مستشاري قصر الإليزيه الذين - وفق ما يقوله الوزير - أثروا بقوة على قرار الرئيس ماكرون لحل الجمعية الوطنية الفرنسية. ووصف لو مايير مستشاري الرئيس بالقول ساخراً «يبدو أن الأرضيات الخشبية في وزارات وقصور الجمهورية باتت مليئة بقمل الخشب»، مشيراً إلى أنه ينبغي تغييرها لقدمها. وأضاف «لطالما كان قمل الخشب موجوداً فيها، فهي هناك دائماً، وهي جزء من الحياة السياسية الفرنسية، وموجودة في الأرضيات الخشبية، وفي شقوق الأرضيات الخشبية، ومن الصعب جداً التخلص منها، والأفضل عدم الاستماع إليهم».
وفي 20 يونيو أيضاً، انتقد رئيس حكومة ماكرون السابق وحليفه إدوارد فيليبي بشدة قرار الرئيس الدعوة إلى انتخابات مبكرة، وقال «لقد اتخذ قراره بمفرده، ولم أكن أنا من ترك الحكومة، ولم يكن المتحمسون النواب وهم جزء من الأغلبية الحاكمة يعارضون الحكومة التي عملت على إزعاجه وأدت إلى حل المجلس الوطني».
وأكد فيليبي أن ماكرون «قتل الأغلبية الرئاسية» بقراره حل الجمعية الوطنية، وقال كان هناك حاجة إلى «إنشاء أغلبية برلمانية جديدة ستعمل على أساس مختلف»، وتم تسليط الضوء على عدم شعبية ماكرون في الاستراتيجية الانتخابية للانتخابات المقبلة.
تراجع النفوذ
ولم يعد مرشحوه للاقتراع يستخدمون صورته على ملصقات الحملة الانتخابية، بل يستخدمون تلك التي تحمل صورة رئيس الوزراء غابرييل أتال، ويسلط هذا التغير في استراتيجية الحملة الانتخابية الضوء على تراجع نفوذ ماكرون. وفي خضم الحملة الانتخابية ذكرت تقارير إخبارية أن أتال واجه مواطناً ساخطاً قال له «عليك أن تطلب من الرئيس أن يصمت».
وأحدثت الدعوة من أجل الانتخابات المبكرة صدمة عبر السياسة الفرنسية، حيث أكد الرئيس أن الانتخابات المبكرة تهدف إلى «إضفاء الوضوح» على المشهد السياسي. ولا تتمتع حتى الآن أية قوة سياسية بأغلبية واضحة في البرلمان.
وفي يوم الأحد الماضي، وفي الثالث من يونيو، وجه إيمانويل ماكرون «رسالة إلى الفرنسيين» عبر الصحافة المحلية يبرر فيها قراره الدعوة إلى انتخابات مبكرة، وقال «كان حل الجمعية الوطنية هو الخيار الوحيد الممكن للفت الانتباه إلى تصويتكم في الانتخابات الأوروبية والرد على الفوضى القائمة والفوضى الأكبر التي ستأتي في المستقبل». واهتم الرئيس ماكرون في رسالته للفرنسيين بوضع حزب التجمع الوطني والائتلاف اليساري وجهاً لوجه، منتقداً برامجهما ومؤكداً أن طريقته هي الحل الأكثر قابلية للتطبيق.
وكتب ماكرون «هذا الطريق الثالث هو الأفضل لبلادنا لأنه الوحيد الذي يمكن أن يضمن وابلاً من الهجمات ضد كل من اليمين المتطرف واليسار المتطرف في الجولة الثانية». ووفق آخر استطلاع أجرته مؤسسة «إبسوس» فقد فشل حزب الرئيس ماكرون في اختراق حاجز 20% قبل أقل من أسبوع بقليل من التصويت. ويتقدم حزب التجمع الوطني اليميني حالياً بنسبة 31% من الأصوات، يليه ائتلاف اليسار بنسبة 29.5%. ويتوجه الناخبون الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع في 30 يونيو حتى السابع من يوليو. عن «واشنطن تايمز»
. حتى لو فاز حزب النهضة الذي يتزعمه ماكرون، فقد لا يتمكن بعد الآن من الاعتماد على الوزير دارمانين، الموالي منذ عام 2017 والذي نجا من تعديلات وزارية متعددة.
. ماكرون اهتم في رسالته للفرنسيين بوضع حزب التجمع الوطني والائتلاف اليساري وجهاً لوجه، منتقداً برامجهما، ومؤكداً أن طريقته هي الحل الأكثر قابلية للتطبيق.