أصحاب الثروات يخططون لترك فرنسا بعد فوز اليسار المتشدد
أدى الانتصار المفاجئ الذي حققته الجبهة الشعبية الجديدة في الانتخابات الفرنسية إلى دق أجراس الإنذار بالنسبة لأثرياء البلاد، حيث يخطط تحالف اليسار المتشدد لفرض ضريبة دخل هائلة بنسبة 90% على أصحاب الدخل المرتفع.
وحتى قبل إجراء الانتخابات، أبلغ المستشارون الماليون عن تدفق هائل للاستفسارات على خلفية قرار الرئيس إيمانويل ماكرون الدعوة إلى انتخابات مبكرة، حيث يفكر المواطنون الفرنسيون الأثرياء في الانتقال إلى مناطق أكثر ملاءمة من الناحية المالية مثل إيطاليا، الملاذ الضريبي التاريخي، وسويسرا وإسبانيا.
وقال الشريك في شركة «جانتيت» للمحاماة في باريس، فنسنت لازيمي: «الناس قلقون بشأن ضريبة الثروة ونهاية الضريبة الثابتة واحتمال فرض ضرائب أعلى على الرواتب، فضلاً عن المناخ العام غير المؤيد للأعمال».
وقال مستشار الثروة الباريسي، جريجوري سودجوكدجيان، عقب دعوة ماكرون للانتخابات المبكرة: «ربما لم أتلق هذا العدد من المكالمات منذ بداية مسيرتي المهنية. عملاؤنا المتميزون يسألون أنفسهم الكثير من الأسئلة». وأضاف: «السؤال الذي يُطرح في أغلب الأحيان هو ما إذا كانت الأموال آمنة في فرنسا».
وقد أثيرت مخاوف الأثرياء في فرنسا عندما أعلن وزير المالية المنتهية ولايته أن الأمة تواجه احتمال حدوث «أزمة مالية فورية» بعد أن وصلت الحكومة إلى طريق مسدود بسبب جداول الرواتب غير الزراعية.
واحتفل الوزير الأكثر شعبية، برونو لومير، بخسارة حزب التجمع الوطني اليميني المتشدد، الذي كان يخشى الوسطيون بزعامة ماكرون أن يتمكن من الحصول على الأغلبية، لكنه حذر من أن الأطراف المتحاربة يجب أن تتوصل إلى اتفاق وتشكل ائتلافاً في وقت قصير. وأوضح لومير، أن «تطبيق البرنامج التخريبي للجبهة الشعبية الجديدة من شأنه أن يدمر نتائج السياسات التي اتبعناها منذ سبع سنوات». وتابع: «هذا المشروع باهظ وغير فعال وقديم، وشرعية الجبهة الشعبية ضعيفة وظرفية». واختتم كلامه قائلاً: «لا يجب تطبيقه».
وقال رئيس الوزراء السابق إدوارد فيليب، الذي يُنظر إليه على أنه خليفة محتمل لماكرون في عام 2027، إن أي حكومة ائتلافية محتملة «لا يمكن أن تكون من عمل رجل واحد»، ورفض أي احتمال للعمل مع حزب جان لوك ميلانشون اليساري المتشدد، أو حزب اليسار المتشدد.
وأضاف فيليب: مصداقية بلادنا يمكن أن تتضرر بسبب هذا، ويجب على القوى السياسية الوسطية أن تتوصل دون تنازلات إلى اتفاق لتحقيق الاستقرار السياسي، ولكن دون حزبي «فرنسا الأبية» و«الجبهة الوطنية». وحتى الأعضاء البارزون في تحالف ميلانشون نفسه اعترفوا بأنهم لا يعتقدون أنه الرجل المناسب لهذا المنصب.
وزعم الزعيم الاشتراكي أوليفييه فور أن ميلانشون «هو الشخصية الأكثر إثارة للانقسام داخل الجبهة الوطنية الجديدة»، في حين قال أحد المشرعين من حزب الخضر، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بصراحة: «ميلانشون يمثل مشكلة».
وقال سيلفان ميلارد، النائب عن مجموعة ماكرون، إن البحث عن رئيس وزراء جديد قد يستغرق «أسابيع عدة». وأضاف أن «الشعب الفرنسي اختار برلماناً من ثلاث كتل متساوية الحجم تقريباً»، مضيفاً أن كتلة الوسط ستكون منفتحة على تشكيل حكومة مع نواب آخرين باستثناء أولئك الذين ينتمون إلى حزب الجبهة الوطنية بزعامة مارين لوبان أو حزب ميلانشون.
وقال مكتب ماكرون ببساطة إن الحكومة «ستنتظر حتى تنظم الجمعية الوطنية الجديدة نفسها» قبل اتخاذ قرارات بشأن تشكيل حكومة جديدة. ولا يوجد جدول زمني محدد للوقت الذي يتعين فيه على ماكرون تعيين رئيس للوزراء، ولا توجد قاعدة ثابتة تنص على أنه يتعين عليه اختيار شخص من أكبر حزب أو كتلة في البرلمان، لكن الشلل السياسي المستمر من شأنه أن يؤدي إلى كارثة للأمة.
وبموجب الدستور الفرنسي، لايزال الرئيس يتمتع بسلطة السياسة الخارجية والشؤون الأوروبية والدفاع، وهو مسؤول عن التفاوض والتصديق على المعاهدات الدولية.
عن «ديلي ميل»