كامالا هاريس أو مرشحة الـ «دي.إي.آي»

لا يختلف اثنان على أن الإعلام الأميركي نجح استجابةً للرأي العام في إطاحة المرشح الديمقراطي السابق للانتخابات الرئاسية جو بايدن، بعد أن تابع الرجل خطوة بخطوة وزلة بزلة حتى أصبح تنازله في مربع «متى» وليس في مربع «هل»، وهو في ذلك لم يتجنّ على الرجل الذي خانته حواسه حتى لو كان هذا الإعلام بالغ أحياناً، بحسب خبراء وإعلاميين.

لكن نجاح الإعلام في معركته ضد بايدن التي شارك فيها جمهوريون وديمقراطيون على حد سواء، لا تبرر بحسب أقلام منصفة تلك الحملة الإعلامية المبكرة ضد المرشحة المحتملة كامالا هاريس، فمن الثانية الأولى لقدوم هاريس إلى تخوم الحلقة بل ربما قبل أن يجف حبر قرار اعتزال بايدن، استولت ثلاثة حروف على المشهد الإعلامي الأميركي هي «دي إي آي» (Dei)، وهي اختصار كلمات: تنوع، مساواة، شمول، بوصفها ترمز إلى «لوبي متآمر» يدفع هاريس للترشح باسمه، مع أن أبسط قراءة للكلمات الثلاث توضح أنها تعبر عن قيم نبيلة ومحترمة في الثقافة الأميركية والعالمية.

الصحافية البريطانية مارغريت سوليفان رصدت في مقال لها بـ«الغارديان» توارد هذه الحملة باستخدام هذا التعبير، فأوردت تغريدة للجمهوري تيم بورشت يقول فيها إن «كامالا هاريس مستأجرة بنسبة 100% من قبل تحالف (دي إي آي)، وهي تواصل صعودها السياسي والانتخابي بسبب انتمائها العرقي وليس بسبب مزاياها وقدراتها الشخصية».

مجلة «فوربس» في تقرير لها كتبته الصحافية سوزان هارلنغ حول الأمر ذاته قالت إن «هاريس تواجه تحدياً خاصاً بوصفها امرأة وملونة، وبوصفها المرشحة المستأجرة بحسب تعبير البعض من (دي إي آي)، بمعنى أنها ممثلة لكوتا الأقليات العرقية والثقافية والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا يتعارض عند كثيرين مع مبدأ (أفضل شخص للوظيفة) بغض النظر عمن وراءه». وأن «تمثيل هاريس لهذه الشريحة يعرض الاختبار الديمقراطي لإملاء إرادة (كورس الموافقين)».

الخبيرة ميتا مالك تشير إلى أن تعبيرات «مستأجرة الـ(دي إي آي)»، و«مرشحة الـ(دي إي آي)» انتشرت للحط من قدر القادة الملونين في أميركا من قبل البعض، وهي الشريحة التي ينطبق عليها هذا اللفظ (الملونون، النساء، السود).

ذوو الاحتياجات الخاصة والأقليات العرقية والثقافية متّهمون بأنهم وراء انهيار بنك وادي السيليكون، وأزمة بوينغ، وانهيار جسر بالتيمور، ومحاولة اغتيال دوناد ترامب. وأشارت مالك إلى أن الأمر وصل بصحيفة «نيويورك بوست» إلى أن تقول في افتتاحيتها إن «الولايات المتحدة معرضة الآن لأن يحكمها أول رئيس دي إي آي»، وكان الأمر سبة.

لم يُخفِ المراقبون المنصفون إبداء دهشتهم من استعمال هذه الكلمات في اتجاه هجائي، من بينهم ليديا بول جربن من «نيويورك تايمز»، ربما سطوة اليمين والترامبية، وربما هذه طبيعة الإعلام الأميركي القادر على عمل اتجاه مع الشيء وضده.

الأكثر مشاركة