العديد من اللاجئين لقوا حتفهم في حوادث مريبة

دول الاتحاد الأوروبي تتغاضى عن الانتهاكات الجسيمة على حدودها

صورة

قالت هيئة حقوق الإنسان، التابعة للاتحاد الأوروبي، إن السلطات في الدول الأعضاء في الاتحاد لا تبذل جهوداً كافية للتحقيق في التقارير الموثوقة عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الحوادث التي أدت إلى الوفيات، على حدودها.

وقالت وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية، إن وكالات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية كانت تبلغ عن «انتهاكات خطرة ومتكررة وواسعة النطاق لحقوق المهاجرين واللاجئين من قبل إدارات الحدود»، لكن على الرغم من التقارير «الموثوقة» فإنه لم يتم التحقيق في العديد منها.

وأضافت الوكالة أن عدداً متزايداً من الحالات يذهب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ما يثير تساؤلات حول إدارة الحدود في ثلاث دول على الأقل، «لم تحقق السلطات المحلية في اليونان وكرواتيا والمجر بشكل فعّال في حوادث سوء المعاملة، وفقدان الأرواح أثناء إدارة الحدود».

وتابعت الوكالة الأوروبية، «تشمل الأمثلة، الجهود غير الكافية لتحديد مكان الضحايا والشهود والاستماع إليهم، وإعاقة المحامين في عملهم، وعدم القدرة على الوصول إلى الأدلة الرئيسة (على سبيل المثال لقطات مصورة من كاميرات مراقبة الحدود)».

وكانت سياسات الهجرة في اليونان في دائرة الضوء منذ غرق سفينة الصيد المكتظة «أدريانا»، في يونيو من العام الماضي، ما أدى إلى هلاك من 500 إلى 650 شخصاً.

واستشهدت وكالة الهجرة بخمسة أمثلة تسلّط الضوء على ما اعتبرته نهجاً معيباً في التعامل مع خسارة الأرواح والادعاءات بالعنف في جميع أنحاء دول الحدود الأوروبية. وفي واحدة من أكثر الحالات فظاعة، استشهدت باكتشاف طفل غير مصحوب بذويه، عثر عليه متطوعون فاقداً للوعي وقد أصيب برأسه، في فرنسا. وقد ألقت الشرطة القبض على الطفل بعد اختبائه في شاحنة متجهة إلى المملكة المتحدة. وتم الإبلاغ عن القضية، والادعاءات بالتورط المحتمل للشرطة، إلى المدعي العام في مدينة بولون سور مير، لكن لم يتم العثور على الطفل لاحقاً.

وفي عام 2020، اعترضت الشرطة الكرواتية أربعة أفغان دخلوا البلاد بشكل غير قانوني. ووفقاً لوكالة حقوق الإنسان، فقد احتُجزوا لمدة يومين وتم إذلالهم، وتعرضوا للضرب. ويجري التحقيق في الحادث، لكن وفقاً لمحامي الضحايا، لم يتم تحديد هوية الجناة.

شكوى معلقة

وفي أبريل 2020، أصدرت السلطات المالطية تعليمات لسفينة صيد بإعادة قارب في محنة إلى ليبيا. وخلال ستة أيام في البحر، توفي أو اختفى 12 شخصاً. وقالت وكالة اللاجئين، في مالطا، إن أحد القضاة خلص إلى عدم وجود أدلة أولية لتوجيه اتهامات جنائية.

وفي يونيو 2022، تعرض فلسطينيان اعترفت بهما اليونان كلاجئين، لاعتداءات جسدية وجنسية، وتم التخلي عنهما على قارب نجاة في البحر بعد أن أوقفتهما الشرطة في كوس. وأنقذهما خفر السواحل التركي، ولاتزال شكوى رسمية معلقة أمام المدعي العام اليوناني.

من جهته، قال مدير وكالة اللاجئين في مالطا، سيربا راوتيو، «هناك الكثير من مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان على حدود الاتحاد الأوروبي. ويقع على عاتق أوروبا واجب معاملة الجميع على الحدود بشكل عادل ومحترم، وبما يتوافق تماماً مع قانون حقوق الإنسان».

ووضعت الوكالة الأوروبية خطة في تقرير من 10 نقاط تتضمن إرشادات وتدريباً منتظماً للمدعين العامين والمحققين المحليين حول كيفية حماية الضحايا وجمع الأدلة والحفاظ عليها، بما في ذلك بيانات الهاتف المحمول. وقال التقرير إن تسهيل مشاركة الضحايا في الإجراءات الجنائية وحمايتهم، أمر بالغ الأهمية. وأضاف التقرير، «يتعين على سلطات التحقيق أن تطلب سجلات مراقبة الحدود وكاميرات الجسم الشرطية وأنظمة تحديد المواقع العالمية وسجلات سيارات الدوريات وهواتف الضباط».

جريمة دولية

وصف ضابط سابق في خفر السواحل اليوناني، تصرفات زملائه الذين تخلوا عن تسعة مهاجرين في البحر في واحدة من 15 عملية إعادة مزعومة من الجزر اليونانية أو المياه الإقليمية والتي قيل إنها أسفرت عن مقتل العشرات من الأشخاص، بأنها «غير قانونية بشكل واضح». وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، رفض ديميتريس بالتاكوس، رئيس العمليات الخاصة السابق في خفر السواحل اليوناني، التكهن بشأن اللقطات التي عرضها المذيع عليه، بعد أن نفى في وقت سابق أن يُطلب من خفر السواحل القيام بأي شيء غير قانوني.

ولكن خلال استراحة، تم تصويره بمقطع فيديو بواسطة كاميرا غير مرئية، وهو يقول لشخص خارج الصورة باللغة اليونانية، «إنه واضح جداً، أليس كذلك. إنها ليست فيزياء نووية، لا أعرف لماذا فعلوا ذلك في وضح النهار. من الواضح أنه غير قانوني، إنها جريمة دولية».

وأظهرت اللقطات التي وصفها، والتي صورها الناشط النمساوي فياد ملاي، ونشرت لأول مرة على موقع صحيفة «نيويورك تايمز»، 12 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، يتم نقلهم عبر رصيف يوناني إلى قارب خفر السواحل، ثم يتم التخلي عنهم لاحقاً. وأنقذ خفر السواحل التركي المجموعة، لكن الحادث هو واحد من أكثر من 12 حادثة بين عامي 2020 و2023، حللتها هيئة الإذاعة البريطانية، والتي قالت إنها أسفرت عن 43 حالة وفاة.

لطالما اتهم الناشطون الحكومة اليونانية بالإعادة القسرية، أي (دفع طالبي اللجوء خارج المياه الإقليمية اليونانية باتجاه تركيا، أو إخراجهم إلى البحر مرة أخرى بعد وصولهم إلى الجزر اليونانية) وهو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي. وقد نفت الحكومة باستمرار القيام بذلك. وقال المتحدث باسمها، بافلوس ماريناكيس، الأسبوع الماضي، «نحن نراقب كل ما ينشر وكل تحقيق، لكنني أكرر: ما تم الإبلاغ عنه لم يثبت بأي حال من الأحوال».

وقال خفر السواحل اليوناني لهيئة الإذاعة البريطانية، التي أجرت تحقيقاتها مع منظمة دعم المهاجرين، إنها ترفض بشدة جميع الاتهامات بالنشاط غير القانوني. وقال خفر السواحل، إن موظفيه عملوا «بلا كلل وبأقصى درجات الاحتراف، وبإحساس قوي بالمسؤولية واحترام الحياة البشرية والحقوق الأساسية»، مضيفاً أنه أنقذ 250834 شخصاً في 6161 حادثة في البحر بين عامي 2015 و2024.

تجربة مأساوية

في حوادث عدة، قال المهاجرون إنهم وُضعوا على طوافات أو قوارب مطاطية من دون محركات ثم سرعان ما فُرِغت من الهواء، أو حتى بدت وكأنها مثقوبة. وقال لاجئ كاميروني إنه «تعرض للمطاردة» بعد نزوله على جزيرة ساموس في سبتمبر 2021، في حادثة حققت فيها صحف «الغارديان»، و«لايت هاوس»، و«ميديابارت»، و«دير شبيغل»، من خلال مقابلات مع شهود، وتحليل وثائق سرية وصور الأقمار الاصطناعية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال الرجل الكاميروني: «جاءت الشرطة من الخلف، وكان هناك شرطيان يرتديان ملابس سوداء، وثلاثة يرتدون ملابس مدنية» وتابع: «كانوا ملثمين، ولم يكن بالإمكان رؤية سوى أعينهم». وجنباً إلى جنب مع اثنين آخرين، وُضع على متن قارب خفر السواحل اليوناني.

وقال الرجل، إن اثنين منهم أُلقيا مباشرة في الماء، أحدهما رجل من ساحل العاج قال: «أنقذوني، لا أريد أن أموت». وفي النهاية لم تبقَ فوق الماء سوى يده، ينما غرق جسده، ثم انزلقت يده ببطء تحت الماء.

عن «الغارديان»

. سياسات الهجرة في اليونان تحت الضوء منذ غرق سفينة الصيد المكتظة «أدريانا».

. في أبريل 2020 أعادت السلطات المالطية قارباً في محنة إلى ليبيا.

. مهاجرون قالوا إنهم وُضعوا على طوافات أو قوارب مطاطية من دون محركات.

تويتر