المرصد

«الإعلام .. وأولمبياد باريس»

صرّح مدير «خدمة البث الأولمبية» الخاصة بدورة باريس للألعاب الأولمبية 2024، يانيس اكزاروس، أن «تغطية الدورة الإعلامية للأولمبياد جاءت بأكبر إنتاج سمعي وبصري شهده العالم على الإطلاق»، بحسب حوار نشرته «اللوموند» الفرنسية.

وتطرق اكزاروس إلى مؤشرات تميز هذه التغطية، حيث قارن بين الدورة الجارية ومثيلتها السابقة في أثينا، إذ تم إنتاج 3000 ساعة سمعية وبصرية في الأولى، بينما تم إنتاج 11 ألف ساعة في الثانية، كما أشار إلى عدد المشاهدين الذي وصل إلى أربعة مليارات شخص، وهو رقم تجاوز ما سبق من الدورات بمسافات.

ويتفق خبراء وإعلاميون أن دورة الأولمبياد الأخيرة بقدر ما كانت حدثاً رياضياً مهماً، كانت أيضاً حدثاً إعلامياً مميزاً، حيث مثّلت استعراضاً لما وصل إليه زمن الثورة الرقمية من إنجازات وإبداعات، وكسرت مساحات واسعة من الحاجز الواقعي بين مشاهد الملعب ومشاهد المنزل.

وأجرى خبراء مقارنة من نوع آخر بين أولمبياد باريس الحالي، وأولمبياد باريس أيضاً ولكن عام 1924، وركزوا على أن الجانب الأهم في المقارنة، هو تركيز الأول على الصورة الكلية، أو «الايمدج»، للأولمبياد، حيث جرى الافتتاح انطلاقاً من فكرة جريئة خارج الملاعب، إذ نُظمت على نهر السين عروض مائية مذهلة شارك فيها الآلاف.

والواقع أن الزخم والصخب الإعلامي الذي رافق الأولمبياد، لم يكن مصدره قفزة هائلة في الشكل والإبهار فحسب، وهو أمر لا يستطيع أن ينكره منصف، بل أيضاً لأن «المحتوى» نفسه لم يكن مجرد متابعات رياضية.

فالأولمبياد تداخلت فيه على مستوى المحتوى، تفاصيل قصص سياسية واجتماعية وثقافية وإنسانية، كل منها مثّل صيداً ثميناً لوسائل الإعلام المتعطشة، بدءاً من خلفيات قرارات الدول التي حُرمت من المشاركة، مروراً بقصة إيمان خليف التي كانت حديث الشارع العربي، وصولاً إلى أحاديث «العنصرية»، ونقاشات «البيئة» وتلوث نهر السين، وحتى قصص التحرش والحوادث الفردية التي غذت صفحات الجريمة، ومساحات «البلوغرز» و«الانفلونسرز» الكتابية والسمعية والبصرية.

الطريف أن جاذبية الأولمبياد وقوة حضوره، لم يستطع مقاومتها حتى الأطراف الذين لم يشاركوا فيه مثل «روسيا»، ولكن شاركت وسائل إعلامها في متابعته ولو انتقاداً، ووصفت الدورة كلها بسوء التنظيم والتخبط في الإدارة، كما أنها تابعت الفضائح التي تردد حدوثها على هامشه، وأفردت المساحات الواسعة لتغطيتها.

تنتهي الدورة، ولا تنتهي آثارها، وأبرزها القرية الأولمبية التي وصفتها وسائل الإعلام الفرنسية بأنها «قطعة مسروقة من الجنة»، بينما وصفها منتقدون بغير ذلك، في جدل يكفي الإعلام الرياضي تجاذبه حتى الأولمبياد القادم.

تويتر