خلال إشراف كيم جونغ أون على إحدى التجارب الصاروخية. رويترز   

الإدارة الأميركية عاجزة عن تطوير أي استراتيجية جديدة تجاه كوريا الشمالية

شهدت العلاقات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، توترات متزايدة في الآونة الأخيرة، حيث قام الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، باستعراض القدرات النووية لبلاده بشكل لافت.

ويعكس هذا الاستعراض توجهات جديدة في السياسة العسكرية لكوريا الشمالية، ما حدا ببعض المراقبين للتساؤل هل سيدفع ذلك واشنطن إلى إعادة تقييم استراتيجياتها تجاه هذه الدولة؟

يقول خبير الشأن الكوري، الدكتور جون ميريل، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، إن مشكلة كوريا الشمالية تفاقمت بشكل مفاجئ الشهر الماضي، عندما كشف زعيمها كيم جونغ أون عن منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم قادرة على إنتاج يورانيوم عالي التخصيب يستخدم في تصنيع الرؤوس الحربية النووية، كما استأنفت بيونغ يانغ اختباراتها للصواريخ الباليستية وصواريخ «كروز»، حيث أطلقت صاروخ «كروز»، وهو صاروخ استراتيجي جديد، وصاروخاً بالستياً برأس حربي كبير للغاية.

اختبارات

وتتفاوت التقديرات، لكن بعض المحللين يعتقدون أن كوريا الشمالية قد تتمكن من إنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع ما يصل إلى 200 سلاح نووي بحلول عام 2027.

ويضاف إنتاج المنشأة الجديدة لأجهزة الطرد المركزي إلى هذا العدد. وخلال زيارته لمنشأة التخصيب، دعا كيم إلى توسع هائل في القدرة النووية للبلاد.

ويبدو أن أجهزة الطرد المركزي تتمتع بتصميم جديد وأكثر كفاءة، ما يستلزم مراجعة التقديرات المتعلقة بالقدرة النووية لكوريا الشمالية. ولايزال من غير واضح متى بدأ تشغيل منشأة التخصيب الجديدة، لكنها تبدو حديثة نسبياً.

وبعد فترة وجيزة من زيارة كيم، أفادت وكالة الأنباء المركزية الكورية، بأن بيونغ يانغ أطلقت صاروخين جديدين باتجاه بحر اليابان، أحدهما كان صاروخ «هواسونجفو-11 دا-4.5»، والآخر هو صاروخ «كروز» مطور.

وكان الصاروخ الأول مصمماً لحمل رأس حربي تقليدي كبير للغاية، بينما وُصف الصاروخ الثاني بأنه «استراتيجي»، وهي كلمة تستخدم عادة للإشارة إلى الرأس الحربي النووي.

وأشرف كيم جونغ أون شخصياً على كلا الاختبارين، لكن على عكس المرات السابقة، لم تكن ابنته برفقته، حيث ظهرت معه كثيراً في المناسبات العسكرية.

وخلال اختبارات الصواريخ، نُقل عن كيم قوله إن «الوضع الدولي الحالي يتطلب من بيونغ يانغ إعطاء الأولوية للقوة العسكرية».

وبعد تجارب الصواريخ والأسلحة النووية، زادت هذه الصور من دعم الجمهور الكوري الجنوبي لسياسة «الكُمون النووي»، أي تطوير القدرة التكنولوجية التي تسمح بالاقتراب من امتلاك الأسلحة النووية دون إنتاجها فعلياً.

ووفقاً لاستطلاعات الرأي، فإن أكثر من 70% من الكوريين الجنوبيين يدعمون توسيع القدرات النووية دون الإنتاج الفعلي، على الأرجح، لتجنب خلق مشاكل مع الولايات المتحدة.

استراتيجية جديدة

ويقول ميريل، إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تبدو عاجزة عن تطوير أي استراتيجية جديدة تجاه كوريا الشمالية.

ويوجه الرئيس السابق دونالد ترامب، إشارات ودية نحو كيم جونغ أون، قائلاً: «إنه يستطيع حل المشكلة النووية لكوريا الشمالية عبر بضع مكالمات هاتفية».

ومع ذلك، من غير الواضح ما استراتيجية ترامب حيال ذلك. وفي المقابل، تكرر نائبة الرئيس كامالا هاريس، نقاط الحديث نفسها التي يتبناها البيت الأبيض تحت قيادة بايدن.

وهناك إجماع متزايد بين المتخصصين في السياسات بواشنطن، حول ضرورة أن تعيد الإدارة الأميركية المقبلة التفكير في أهدافها الأساسية بشأن كوريا الشمالية.

ويقول العديد من الخبراء في العاصمة الأميركية، إن المطالبة بنزع السلاح النووي كشرط مسبق أميركي حالت دون إمكانية إبرام اتفاقيات للحد من التسلح أو التصعيد. ويمكن أن تكون هناك صفقات واتفاقيات مهمة على الطاولة تتعلق بالصواريخ، ومنع الانتشار، ووقف أو تقليص برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، وغيرها من الأهداف.

نصيحة

قال المحلل الاستراتيجي روبرت جالوتشي: إن «الخطوات المسبقة قد تكون إنهاء نظام العقوبات ضد كوريا الشمالية الذي فقد فاعليته، إلى جانب إعادة النظر الجادة في التدريبات العسكرية التي تجريها واشنطن في كوريا الجنوبية، لتجنب الاستفزازات غير الضرورية، مع ملاحظة الحاجة إلى أن تجعل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تطبيع العلاقات مع كوريا الشمالية هدفاً طويل الأمد».

ويرى خبير الشأن الكوري، الدكتور جون ميريل، أن هذه نصيحة سليمة من شخص لديه خبرة ذات صلة كبيرة الآن، مشيراً إلى أنه ينبغي على الإدارة الأميركية الجديدة أن تأخذ هذه النصيحة بعين الاعتبار، وأن تجري إعادة تقييم موثوقة لافتراضاتها ومصالحها وأهدافها تجاه شبه الجزيرة الكورية وشمال شرق آسيا.

الأكثر مشاركة