ناصر القصبي... ينقذ بالأداء كارثة الإخراج
الدراما جزء أساسي من اليوميات الرمضانية التي يعيشها الوطن العربي، تخلق معها علاقة قبول ورفض ونقد، وكذلك نجد الممثلين النجوم الذين يظهرون في أدوارهم المتنوّعة يصبحون أيضاً جزءاً من حكايات الناس بالتعبير عنهم وعن قوتهم أو ضعفهم في ما يقدمونه من شخصيات.
تتغير الشخصيات ويظل اسم الممثل ثابتاً قادراً على نجاح العمل أو فشله.
من الحلقة الأولى إلى الخامسة تقريباً، ومع أكثر الأعمال الخليجية ترقباً، كان من السهل ملاحظة التشويش في مونتاج وإخراج الجزء الثاني من المسلسل السعودي «العاصوف»، عدم تماسك المَشاهد، وإقحام الصور الثابتة بطريقة عشوائية، جاء مخيباً للآمال لدرجة الشك في أنه تم تغيير المخرج، لكن المخرج للجزء الثاني هو نفسه المثنى صبح، وعملياً أسهم الأداء المحترف لمعظم الممثلين في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من صورة العمل، الذي كان من أهم الأعمال الدرامية التي تم إنتاجها العام الفائت.
ناصر القصبي بطل «العاصوف» في شخصية خالد الطيان، يحاكي فترة أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، و يظهر في هذا الجزء بشخصية رجل أعمال ناجح وذكي، حتى ذاع صيته عند الشيوخ والأمراء، فيما علاقته مع عائلته، وتحديداً والدته، التي تؤدي دورها بشكل ملفت وقريب إلى القلب الممثلة السعودية ليلى السلمان، هي ملح أحداث هذا الجزء.
ممثل متميز يعبّر بطريقة تدرّس من شدة الحرفية، يستحوذ على المشهد بمجرد ظهوره، صوته وطريقة تعبيره من خلال عيونه، خفة ظله التي عرفها الجمهور كثيراً منذ سلسلة «طاش ما طاش» و«سيلفي» وغيرهما، يحضر القصبي فينسى المشاهدون بحضوره ولسطوة وقوة ما يقدمه الأخطاء الفنية الكثيرة التي تحيط بالعمل.
في الجزء الثاني، ينقل القصبي بدوره حكاية أحداث كاملة حدثت في المملكة العربية السعودية، منذ قرر مغادرة الفريج، والسكن في فيلا والإتيان بالعفش من الكويت، وثقافة استقدام العاملات من الفلبين، كل هذا يعطي شكل التطوّر الذي حدث في المملكة اجتماعياً، وهي بداية الحديث عن المرحلة التي بدأ فيها «الإخوان المسلمين» بالتغلغل في المجتمع، وسيكون هناك لاحقاً العديد من الأحداث المفصلية على مستوى المملكة، وتغيرات اجتماعية وثقافية وسلوكية، ستنقل أحداث العمل إلى مستوى آخر بعيداً عن أغنيات تصدح من الراديو، وعن جهاز فيديو يشاهدون من خلاله أفلاماً عربية مثل فيلم «خلي بالك من زوزو».
القصبي المشغول بعالم العقارات، وببناء علاقات متينة مع أصحاب القرار، تراه في المنزل مختلفاً، يشاكس كل فرد فيه، ومازال شقيقه المحامي (محسن) يزيد من خصومته، التي وصلت إلى توزيع الإرث بينهما، هو يفصل في الأداء بين وجوده في بيته ووجوده مع رجال الدولة والأعمال، ويقدم في الحلقة نفسها حالات كثيرة يتفنن من خلالها في بث قدراته التمثيلية، التي تؤكد دائماً وأبداً أن مثله من الجدير متابعته من كل أنحاء الوطن العربي، والتركيز على حرفيته التي أنقذت عملاً مهماً في طرحه، وجاء مخيباً للآمال من ناحية إدارة المخرج لعناصره كافة.