فنانون بأدوار ثانوية يتفوقون على «نجوم الصفّ الأوّل»

منذ سنوات، باتت غالبية الدراما العربية، تعتمد على اسم نجم أوحد، فتكتب النصوص لأجله، وتبنى المسلسلات والأعمال عليه، وبسبب هذا التوجّه، يبرز اسم النجم دون سواه في المقدمة، رغم اشتمال العمل على ممثلين لهم تاريخ فني، قد يكونون أصحاب بصمات على المسلسل أكثر من «نجوم المقدمات».

وفي الموسم الرمضاني الحالي، يبرز ممثلون يؤدون أدواراً غير رئيسة، ليطغى أداؤهم على الأبطال في بعض الأحيان، مثل الفنان فادي صبيح في شخصية أبوالعز في «دقيقة صمت»، والممثلة ريهام عبدالغفور في شخصية فريدة في «زي الشمس»، وعلي الطيب في «قابيل»، وأيمن رضا في «عندما تشيخ الذئاب»، وخالد الطريفي في «عبور».

يا إنسان

يجتمع الكاتب سامر رضوان بعد غياب سنوات مع المخرج التونسي شوقي الماجري، ليقدما مسلسل «دقيقة صمت»، الذي بات منذ الأسبوع الثاني من رمضان، من أكثر المسلسلات التي تحظى بتفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والعمل من بطولة عابد فهد وفادي أبوسمرا.

كثير من المتابعين لـ«دقيقة صمت» يرون أن أداء الممثل السوري فادي صبيح، منح قوة للعمل، عبر تمثيله المتقن لشخصية أبوالعزم مع «متلازمة يا إنسان» التي أصبحت «هاشتاغ» في الآونة الأخيرة.

صبيح في شخصية أبوالعزم شخص عشوائي، مدعٍ، كاذب، ينسج الحكايات الخيالية.. لكنه لا يخون، وهذه الصفة هي التي تجعل المشاهد دائماً يتغاضى عن أي تصرف يصدر منه، وينتظره لقول جملة يا إنسان، فوقعها دائماً يجعل المتلقي يربط بينه وبين أنه لا يخون، مخلص لمن يمد يد العون له، ومجرم لمن يغدر به.

ريهام.. «زي الشمس»

تؤكد الفنانة المصرية ريهام عبدالغفور، مع كل إطلالة أنها ممثلة من طراز مختلف متجدد، وقادرة دائماً على إبهار المشاهد، وفي الموسم الرمضاني الجاري تؤدي شخصية مميزة في مسلسل «زي الشمس»، وهو من بطولة مطلقة للممثلة دينا الشربيني، وإخراج سامح عبدالعزيز.

أداء ريهام عبدالغفور جعل هذه الشخصية هي الأكثر بروزاً في العمل، إذ يريد متابعو المسلسل معرفة كيف قتلت، وهي التي تحب الحياة: فنانة مجنونة لا شيء يقف أمام رغباتها، حتى لو كان خطيب أختها، وهذا الذي حدث.. رغم ذلك لا يستطيع المشاهد أن يكره تلك الشخصية، بل قد يتعاطف معها، إذ توقع المتلقي في حيرة، بسبب أداء ريهام عبدالغفور الذي يضعها في هذا الدور في سلم أهم نجمات جيلها.

كما يبرز الممثل الشاب أحمد مالك في العمل نفسه، إذ يقدم هو الآخر الجديد دائماً في طريقة تمثيله، ويلعب شخصية سيف في «زي الشمس».. مشاهده قليلة لكن حضورها قوي، تحديداً أنه بات المتهم بقتل فريدة (التي تؤدي دورها ريهام عبدالغفور).

أبوفاروق.. أيمن رضا

ومن الفنانين أصحاب الحضور المبهر، الممثل السوري أيمن رضا الذي ظهر بمشاهد قليلة، لكنها غاية في الأهمية في مسلسل «عندما تشيخ الذئاب» في شخصية أبوفاروق، والعمل للكاتب حازم سليمان، والمخرج عامر فهد.

شخصية أبوفاروق، الذي مات طعناً من جاره المتطرف، وانتهى حضوره في العمل، من أكثر الشخصيات التي تأسر من شدة الصدقية فيها، هو في حواره مع جاره المتطرف الذي أدى دوره بتمكن الممثل محمد حداقي، وكأنه يختصر كل شيء، هو يحاول أن يقنع المشاهد أن الحياة فيها من الجمال، ما يكفي كي تجعله، يبتسم ويقبل عليها، ويقول له إنه لا يكره أحداً سوى «إسرائيل»، ومع هذه العذوبة في العواطف التي نقلها أبوفاروق، قتل بيد جاره عمران.

أبوفاروق، الذي يحب ابنته لدرجة أنه ألغى زفافها، لأنه شعر بأنها تستحق الأفضل يهيم كل ليلة، وهو في شدة السكر، كأنه يريد أن يزيل عن كاهله ذكريات الحرب الإسرائيلية - اللبنانية، هو المخدوع والكاشف لكل الأقنعة التي يتوارى خلفها كل سكان حي الشياح، من الشيخ عبدالجليل إلى الشخصية اليسارية في العمل جبران، الغريب أنه حتى بعد أن رحل عن المشهد أصبح كل ما يقوله يترجم في الحلقات، وكل كلمة قالها، وكل رأي يتجسد حالياً.

وأداء رضا لا يمكن أن يمر عابراً، بل يستحق الوقوف عنده والإشادة به.

الطريفي أب للجميع

بينما في مسلسل «عبور» للمخرج محمد حشكي، هناك أسماء كثيرة أثبت حضورها في العمل التي أنتجته وتؤدي بطولته الفنانة صبا مبارك.

ومن بين أبرز الشخصيات في العمل شخصية أبووسيم التي أداها الممثل الأردني خالد الطريفي، ابن المسرح المخلص، الذي يظهر في إطلالة مختلفة، ويشكل حالة الفقدان المقترنة بابنه وسيم الذي حكم عليه 15 عاماً في السجون السورية، وفي الوقت نفسه يحتضن الطفل ليث الذي فقد عائلته كلها، يعيش مع زوجته وزوجه ابنه، ويدرك أنه بسبب كبر عمره يحتم عليه أن يكون أباً للجميع، والحضن الحاني، ويضيف على ذلك جزئية الأمل، التي باتت مقترنة به.

بجسده الممتلئ وخطواته الثقيلة وضحكته الجميلة، يستطيع الطريفي أن يجعل المتلقي يقع في حب تفاصيل يومياته، هو وجه الحقيقة الكاملة لكل ما يحدث في مخيم اللجوء، لكنه لا يفقد الأمل، واستطاع الطريفي أن يؤدي دوراً لن ينسى، بسبب المشاعر التي يبثها عبر أداء مبهر.

علي الطيب.. بصمة واعدة

من يتابع المسلسل المصري «قابيل»، للمخرج كريم شناوي، وبطولة محمد ممدوح ومحمد فراج وأمينة خليل، يلفت انتباهه بشدة أداء الممثل الشاب علي الطيب، في شخصية عبدالرحمن مصطفى أمين، المتخصص في الجرائم الإلكترونية، التي ستبشر بحضور قوي في الأعوام المقبلة، لأنه استطاع ببساطة أن يؤدي هذه الشخصية بسلاسة وبقوة وبأدوات تمثيل تلفت الانتباه إليه.

استطاع الطيب أن يحصل على إشادات عن دوره، حتى من أصدقائه بالوسط الفني، ومنهم المغني محمد الشرنوبي، كتب أنه كان يؤمن بأن الفرصة الجيدة ستأتي لصديقه علي، كي يترك بصمته كممثل واعد.

شخصية أبووسيم التي أداها خالد الطريفي من بين الأهم في مسلسل «عبور».

تميز أداء ريهام عبدالغفور جعل الشخصية هي الأكثر بروزاً في مسلسل «زي الشمس».

أداء فادي صبيح منح قوة لـ«دقيقة صمت»، عبر تمثيله المتقن لشخصية أبوالعزم.

من أصحاب الحضور المبهر أيمن رضا الذي ظهر بمشاهد قليلة في «عندما تشيخ الذئاب».