مناسك واعتكاف وصلوات لا تنقطع
مكة في العشر الأواخر.. لكل داعٍ قصته الفريدة هنا
تزداد أعداد زوار مكّة المكرمة، مهد الإسلام، إجمالاً في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، وهي الفترة التي يعتبرها المسلمون الأكثر قرباً إلى الله، فيقضونها في الصلاة والدعاء في المسجد الحرام، والجوامع الأخرى في المدينة التاريخية الواقعة في غرب المملكة.
وتحظى مكة بأهمية عظمى لدى المسلمين، فهي مهبط الوحي على النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، ويقصدها ملايين الزوار على مدار العام، بينهم من يأتي لأداء الحج، أو العمرة، أو لمجرد الزيارة والصلاة.
وفي الأيام الأخيرة من رمضان، يؤدي بعض المسلمين مناسك العمرة في المسجد الحرام، فيطوفون حول الكعبة المشرّفة وهم يرتدون الملابس البيضاء. وبمسجد وسط المدينة، خرج عشرات الأشخاص، وبينهم نساء ورجال، إلى الباحة الرئيسة عند موعد الإفطار. افترشوا الأرض، وتقاسموا الطعام الذي تمّ مده على شرشف أبيض على العشب، بينما كان صوت الأذان يصدح من مكبرات للصوت، فملأ المكان كله.
وقال موظف إداري في المسجد لوكالة فرانس برس إن هؤلاء يعتكفون في المسجد للعبادة طوال الأيام العشرة الأخيرة في رمضان، مضيفاً «لا يريد هؤلاء سوى الدعاء. منهم من يدعو لحبيب، ومنهم من يدعو لعمل، ومنهم من يدعو لأن يشفي الله قريباً له».
وتابع «يقضون كل أيامهم في الداخل، ولا يخرجون إلا لتناول الطعام».
بينما أشار خالد الغامدي، المقيم في مكة منذ شهرين للعمل فيها، والآتي من جنوب المملكة، إلى أن ارتفاع أعداد المصلين، وإغلاق بعض الطرق مع انعقاد الاجتماعات السياسية تسبب في ازدحام، لكن ذلك لا يمنع الزوار من مواصلة التدفق على المساجد. وأضاف «لكن لا مشكلة أبداً، كله يهون. الحمد لله». من جهته، أكد السعودي أحمد الراجحي أنه في الأيام الأخيرة من رمضان «أي شيء تريده في حياتك يمكنك أن تدعو به في هذه الفترة»، مضيفاً «كل شخص له قصته الفريدة هنا».
لكن ليست كل القصص جميلة، إذ قدم الباكستاني أحمد نعيم مع أفراد عائلته إلى مكة للصلاة والدعاء وأداء العمرة، إلا أنّ الرحلة تحوّلت إلى مأساة، بعدما ماتت الأم في حادث سير بالمدينة، وأصيبت والدته التي قدمت من الولايات المتحدة بجروح نقلت على إثرها إلى المستشفى.
وقال نعيم، وهو أب لأربعة أطفال، تراوح أعمارهم بين أربعة و10 أعوام: «كانت هذه عادتنا خلال السنوات الأخيرة. نفضّل أن نؤدي مناسك العمرة خلال رمضان، لأنه وفقاً للحديث، ننال حسنات أكثر».
ونعيم مقيم في الخُبر منذ نحو 10 سنوات، حيث يعمل مديراً للمشروعات في شركة متخصّصة بخدمات النفط والطاقة. وقاد سيارته إلى مكة آتياً من المدينة التي يعيش فيها في شرق السعودية على بعد 1200 كلم.
وأضاف بينما كان متوجّهاً للصلاة في مسجد مع حلول موعد الإفطار: «دفننا زوجتي قرب الحرم»، مستدركاً وهو يحاول حبس دموعه «بالنسبة لي ولأولادي، هذا حافز إضافي للعودة إلى هنا.. نزور قبرها وندعو لها».
- لا يريد هؤلاء سوى الدعاء، منهم من يدعو لحبيب، ومنهم من يدعو لعمل، أو أن يشفي الله قريباً له.
- في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، يؤدي بعض المسلمين مناسك العمرة في المسجد الحرام.