«الاختيار 2».. الفن في خدمة التاريخ والسياسة
نجح مسلسل «الاختيار» بجزأيه الأول الذي عرض في رمضان الماضي، والثاني الذي يقدم خلال هذا العام، في أن يمثل حالة خاصة للجمهور المصري والعربي، إذ يجسّد بطولات للشرطة والجيش لها تأثيرها الكبير في تغيير مسار مصر وعلاقاتها أيضاً.
وتلعب بطولة «الاختيار 2» نخبة من النجوم، في مقدمتهم كريم عبدالعزيز وأحمد مكي وماجد الكدواني وإنجي المقدم وإياد نصار وبشرى، والعمل من إخراج بيتر ميمي. وبينما تعرّض الجزء الأول من المسلسل لبطولة الشهيد أحمد المنسي وزملائه في مكافحة الإرهاب، والذي أدى بطولته أمير كرارة وأحمد العوضي ودينا فؤاد، تطرق الجزء الثاني لفصل آخر، وعبر بوضوح عن سياسة داخلية وأحداث مصرية صميمة، لكنه وصل لجمهور الوطن العربي منذ عرض أولى حلقاته، إذ تناول العمل على مدار حلقاته بطولات أكثر لرجال الشرطة المصرية في مواجهة الإرهاب في مصر والتصدي للخلايا النائمة، كما رصد مزيداً من الأحداث داخل سيناء والقاهرة وغيرهما من المناطق.
حلقات مهمة
دارت أحداث المسلسل في جزئه الثاني حول فريق من القوات الخاصة بالداخلية (الشرطة) التي تضم الضابطين زكريا يونس (كريم عبدالعزيز) ويوسف الرفاعي (أحمد مكي)، وكذلك محمد مبروك (إياد نصار) والذي كان متخصصاً في تاريخ الجماعات، والذي كان يرصد أكبر ملف معلومات لإثبات خيانتهم، قبل أن يتم اغتياله.
وعرض المسلسل حلقات مهمة مثل تفاصيل فض اعتصام رابعة العدوية، وكذلك مجزرة قسم كرداسة، وتفجير كنيسة العباسية، وكمين عرب شركس، والقبض على الكثير من العناصر الإرهابية، والضباط المنشقين مثل خيرت السبكي وحنفي جمال، وركز العمل على الكثير من الأحداث المهمة، ولايزال المسلسل يعرض لنماذج جديدة من الوطنية والخيانة ليركز على فكرة اختيار كل منا لوطنيته أو الخيانة.
فارق زمني
من جهته، أوضح الناقد الفني أحمد النجار أن «الجزء الثاني من مسلسل الاختيار رغم نجاحه الكبير لكن ينقصه الكثير من الحماس الذي كان متواجداً في الجزء الأول»، معتبراً أنه «ربما كان الأفضل أن يوجد فارق زمني جيد بين الجزئين، خصوصاً أن تصوير العمل يتطلب مجهوداً كبيراً ومرهقاً جداً لصناع العمل، وفي المسلسل نفسه فرصة ذهبية لتألق نجمين من العيار الثقيل هما أحمد مكي وكريم عبدالعزيز اللذان أحدثا نقلة بهذا العمل لا يمكن الاستهانة بها، وربما طفرة سببت حالة من الألق الفني والدرامي غير المعتاد أو التقليدي بالدراما المصرية».
وأضاف «مسلسل الاختيار هو حالة درامية سياسية توعوية إنسانية وطنية وليس مجرد عمل فني، وربما بحكم اللجوء الإجباري للكثير من الأحداث الحقيقية والتأريخ افتقد المسلسل بعض الدراما والخيال في عدد من المشاهد، ولكن لا يمكن إنكار الجهد المبذول من فريق العمل».
وأكمل النجار «يتميز هذا الجزء لأن أحداثه في القاهرة والجمهور عاشها بشكل أكبر، ولكن في بعض الحلقات كانت الدراما قليلة والتأريخ مسيطراً على الأحداث بالكامل باستثناء بعض المشاهد. وربما كان يمكن أن يكون العمل أفضل درامياً إذا أخذ وقته بالكتابة، خصوصاً أن مثل هذه الأعمال تحتاج لوقت أكبر في التحضير والكتابة، وتتطلب بالطبع مصداقية وجمع معلومات؛ وبالتالي تحتاج وقتاً ومجهوداً أكبر». وأشار إلى أن «الدراما أخيراً أصبحت وسيلة من وسائل الوعي السياسي والتوضيح في ظل وجود تضليل من بعض الجهات المغرضة، وبعد نجاح مسلسل الاختيار في جزئه الأول وقدرته على توصيل حقائق مهمة عجز عن توصيلها الإعلام والأشخاص ثبتت معلومة مهمة وهي أن الشعب المصري والعربي يستلهم معلوماته بشكل أعمق وأسرع من خلال الدراما، ولذلك أصبح ضمن الخطة الدرامية الرمضانية وجود أعمال توعوية وسياسية موظفة بشكل درامي، ويلعب بطولتها نجوم لهم شعبية خاصة وجماهيرية وقدرات تمثيلية وقبول يمنح العمل قيمة وعمقاً وقاعدة شعبية أكبر».
ورأى أن «تصدي الدولة للإنتاج في الفترة الأخيرة، خصوصاً للأعمال السياسية وفر الأماكن الطبيعية والمعدات الحربية، ما جعل العمل يظهر بشكل صادق وطبيعي وجاذبية وثقل وشفافية للدراما».
بشكل إنساني
نال مسلسل «الاختيار 2» إعجاب المشاهدين، لاسيما أنه تناول بشكل إنساني جوانب خاصة من حياة الضباط، مثل علاقاتهم بعائلاتهم وأبنائهم وزوجاتهم وكذلك ملامح من شخصياتهم الإنسانية، ورغم عرض المسلسل للكثير من اللقطات الحقيقية مثل تفجيرات أو اغتيالات، إلا أنه نجح في إضفاء عنصر الحكي الدرامي، وتضمين الأحداث لخط كوميدي بتوظيف صحيح، خصوصاً من جهة أحمد مكي الذي نجح في ذلك، وحقق بصمة بخفة ظله المعهودة.
بينما كريم عبدالعزيز نجح في فض الطريقة الشمعية لتجسيد ضباط الشرطة، وتجلى في أداء بسيط، بعيداً عن التشنج والمبالغة التي قد تتطلبها بعض المشاهد الجافة والجادة بحكم طبيعتها السياسية.
أحمد النجار:
• «الدراما أصبحت وسيلة من وسائل الوعي في ظل وجود تضليل من بعض الجهات المغرضة».
• نخبة من النجوم تشارك في العمل، من بينهم إنجي المقدم وإياد نصار وبشرى.
• تميز الجزء الثاني لأن معظم أحداثه في القاهرة والجمهور عاشها بشكل أكبر.