العفو والمسامحة

تحمل الأسر الإماراتية مبادئ أصيلة لا تتغير مع مرور الزمن والانفتاح الذي تشهده البلاد، حيث إن لديها عادات وقيماً متوارثة عبر الأجيال تعرف بـ«السنع»، تضم مجموعة من العادات والتقاليد التي تشكل قواعد أساسية، وأسلوب حياة، تغرس لدى أبناء الإمارات منذ الصغر. في هذه الزاوية، تسلط «الإمارات اليوم» الضوء على مفهوم «السنع» الإماراتي عن طريق سلسلة موضوعات بهدف ترسيخ هذه القيم، بالاعتماد على كتاب «السنع» من جمع وتدقيق وإعداد وتقديم الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، عبدالله حمدان بن دلموك.

من الأمور الجميلة التي يعززها الآباء لدى أبنائهم قيمة العفو، لاسيما عندما يكون الحق مع أحدهم ويتسامح مع الآخرين، إذ يعزز أبناء المجتمع هذه القيمة بتصرفات مختلفة تبدأ من المنزل، فعلى سبيل المثال إن اختلف الأخ مع أخيه وذهبا إلى الأب وقام بالحكم بينهما، وقال لأحدهما إن الحق معه، فإنه كثيراً ما نرى صاحب الحق يقول: «أنا سامحت»، والآخر يرد بالاعتذار خجلاً منه على عفوه ومسامحته، أو يقوم بتقبيل رأس أخيه، ما يعزز الترابط بينهما.

وعند حدوث بعض الأخطاء من الإخوة أو العمال في المنزل على سبيل المثال واعترافهم بخطئهم فكثيراً ما نسمع عبارة: «برايه فدوه عنك» والتي تدل على العفو، وتؤثر إيجابياً في نفوس الأشخاص المخطئين، حيث يُحرج الشخص الذي أخطأ من فعله، ويغيّر تصرفاته تأثراً بهذه العبارات التي تدل على المسامحة، وتسهم في خلق أثر إيجابي بين أفراد المجتمع.

ونرى تأثير العفو أيضاً حتى على صعيد أكبر في الخلافات الأخرى التي قد تصل إلى المحاكم، لاسيما في الأخطاء غير المقصودة، فعلى سبيل المثال إن حصل موقف كحادث تسبب في إتلاف شيء من ممتلكاتك، وتم الحكم على ذلك الشخص بدفع مبلغ معين، فمن السنع أن تسامحه إن استطعت، إذ يسهم ذلك في رفعة مكانتك وزيادة قدرك، ويقال: «الريال قبضك بخشمك»، وهي عبارة تدل على أن الشخص أصبح أعلى مكانة واحتراماً لأن الحق معه، ولكنه قام بالعفو والمسامحة.

فالعفو من القيم الجميلة التي غرست لدى أبناء الإمارات، التزاماً بمبادئ الدين الإسلامي، إذ عمل السنع الإماراتي على تعزيز العفو والمسامحة بين أبناء المجتمع، حيث تنشر الكثير من الأمثال التي تشجع على التسامح أبرزها: «إذا ملكت إعفى»، فالسنع ينص على مسامحة الشخص المخطئ، فعلى سبيل المثال إن أخطأ شخص في حقك ومن ثم قام بالوصول إليك أو زيارتك وطلب السماح، فمن السنع أن تقوم بمسامحته والعفو عنه بغض النظر عن حجم الخطأ الذي قام به في حقك.

. تأثير العفو يظهر على صعيد أكبر في الخلافات الأخرى التي قد تصل إلى المحاكم.

. قيمة سامية تسهم في خلق أثر إيجابي بين أفراد المجتمع، وتدفع المخطئ إلى تغيير تصرفاته.

. عمل السنع على تعزيز العفو والمسامحة، إذ تنتشر الكثير من الأمثال والأقوال التي تشجع عليهما.