اختلاط الجنسيات غيّر طقوساً اجتماعية في رمضان
نرجس نورالدين.. أحــنّ إلى عادة تقديم الصواني إلى الجيران
يترك رمضان في ذاكرة الناس الكثير من الذكريات الجميلة التي ترتبط بأيام الصوم منذ الطفولة وحتى الشباب والنضج. عادات تكبر مع المرء، بعضها لاتزال موجودة في حياته وأخرى تشغل حيزاً في الذاكرة، كونها اختفت بفعل تطور الحياة وتبدل التركيبة الخاصة بالمجتمع. الخطاطة الاماراتية نرجس نورالدين، استعادت في هذا الحوار الكثير من ذكرياتها مع شهر رمضان المبارك والعادات التي تحن اليها وتفتقدها، وكذلك بعض الحوادث التي تعرضت لها في طفولتها خلال شهر رمضان مع بداية صومها.
طفولة
صينية الجيران لفتت الفنانة الاماراتية نرجس نورالدين الى أن الصينية الرمضانية التي توزع على الجيران هي أبرز ما تحن اليه، لاسيما انها من العادات التي باتت تنتشر بين قلة من المواطنين الذين يسكنون في مناطق تجعلهم يستطيعون الحفاظ عليها. وتوزع هذه الصينية على الجيران قبل حلول موعد الافطار بنصف ساعة تقريبا، وغالبا ما تضم أبرز الاصناف التي أعدت في المنزل وليس شرطاً ان يكون طبقا رئيساً، بل من الممكن ان يكون طبقا من حلويات. وتتميز هذه الصينية بكونها من الممكن ان توزع على مجموعة من الجيران أو ان تختار ربة البيت جارة في كل يوم لتقدم لها طبقاً، على أن تقوم الجارة برد الطبق بعد ان تملأه بأكلة أعدتها في منزلها. وتقوم بعض ربات البيوت بوضع علامات بالأصباغ خلف الصحون، وذلك لتمييزها. وجرت العادة في القدم أن يقوم الأطفال بتوزيع الأكل على الجيران، ولكن بفعل تبدل ظروف الحياة باتوا يرسلون الأطعمة مع السائق أو الخادمة. |
بدأت نورالدين الحديث عن شهر رمضان وذكرياته القديمة، بارتباط هذا الشهر بالجو الحار، حيث إن بداية صومها كانت في أيام الحر أيضا، منوهة بأنها حين بدأت الصيام كانت طفلة صغيرة في المدرسة، وكانت الحرارة مرتفعة جدا، حين تصادفت بداية رمضان مع آخر العام الدراسي. ولفتت نورالدين الى أنهم كانوا يعانون الحرارة في أثناء العودة من المدرسة الى المنزل، فالمركبة التي كانت تقلهم لم تكن مكيفة، كما المركبات المخصصة للأطفال اليوم، وكذلك كانت ساحة المدرسة مصدراً للتعب بسبب الصيام والجو الحار.
أما العادات التي تحن اليها نورالدين، فهي ارتباط رمضان بصينية توزيع الطعام على الجيران، مؤكدة أن أمها كانت تعد الطعام وتكثر من الكميات وهم يتولون توزيع الصواني على الجيران، الأمر الذي يبعث الفرحة داخلهم، سواء بتوزيع الأكل أو حتى تذوق أكلات الجيران، خصوصا عندما يقدمون لهم الجيران الأكلات التي يحبونها. ونوهت بأن اختفاء هذه العادات من الحياة الاماراتية جاء نتيجة عوامل متعددة، أبرزها اختلاط الجنسيات الكثيرة التي زادت في الآونة الاخيرة وبدلت التركيبة الاجتماعية، الى جانب السكن في المباني بدلاً من البيوت الصغيرة، وبالتالي تغيرت مظاهر الحياة بشكل عام، وكذلك مظاهر شهر رمضان بشكل خاص. وشددت نورالدين على ان الاختلاط بين الجنسيات أسهم الى حد كبير في غياب الكثير من العادات، فالتعاطي مع الجيران اليوم ليس بسهولة التعاطي مع الجيران من ذي قبل، فمع تنوع وتعدد الجنسيات نجد أن العلاقات بين الناس قد خفت، وبالتالي توزيع الصواني في رمضان خف بسبب هذا الأمر.
زيارات
رأت الخطاطة الاماراتية أن شهر رمضان هو شهر الزيارات العائلية فتكثر الاجتماعات العائلية في هذا الشهر، وكذلك الروابط الانسانية، موضحة أن هذه واحدة من العادات التي مازالت تحرص على القيام بها، فقد تزوجت وهي تقيم في دبي، وعلى الرغم من كون أهلها وأقاربها في أبوظبي، إلا انها تحرص على القيام بهذه الزيارات بشكل أسبوعي وعند معظم الأقارب، حيث تقسم الزيارات على مدى أسابيع شهر رمضان المختلفة. في المقابل، تفتقد نورالدين جلسات ما بعد الافطار، والتي كانت تجتمع فيها النساء، حيث أكدت انها مازالت حتى اليوم تتذكر زيارات النساء لوالدتها، أو حتى قيام والدتها برد الزيارات للجيران أو الأقارب بعد الافطار وتمتد الجلسة طوال السهرة.
أما الأكلات الرمضانية والتحضير لسفرة خاصة في هذا الشهر، فقالت نورالدين عنها، «أحرص على إعداد الوجبات التراثية بشكل شبه يومي، منها الهريس والثريد، الى جانب بعض الحلويات التراثية كالساغو، بالاضافة الى الاعتماد على الحلويات الحديثة اليوم، فقد دخل الكثير منها على قائمة الحلويات المعدة في شهر رمضان، خصوصا ان الأطفال يطلبونها، ومنها الكعك أو الحلويات التي تدخلها الشوكولاتة».
وروت لنا الخطاطة الاماراتية حادثة مهمة ترتبط برمضان تعرضت لها في الطفولة، وتتذكرها في كل رمضان، ومازالت حتى اليوم ترويها في جلسات مع الاهالي، حيث تعرضت لحروق في رجلها عندما كانت في الثامنة. وذكرت التفاصيل بالقول: «كنت أساعد والدتي في تحضير البطاطا المقلية، حيث اني أحركها كثيرا، وطلبت مني والدتي التوقف إلا أني لم استجب لطلبها، وبحركة أوقعت الزيت المغلي على رجلي، ورحت أصرخ وأركض، وأبي يطلب مني التوقف عن الصراخ كي لا أوقظ الجيران ظناً منه أني ألعب». وتتابع، «تسببت لي الحادثة بحرق بليغ، اضطررت بعدها الى ربط قدمي لفترة، فأتى العيد وقدمي مربوطة، إلا أني أبيت أن أفوت العيد والحصول على العيدية من الجيران كما تجري العادة في الامارات، فذهبت مع إخوتي وقدمي مربوطة وغير قادرة على السير بشكل طبيعي تماماً».