يعيش فيها 600 ألف شخص

العاصمة الموريتانية تعاني العطش دائماً

تعاني نواكشوط، العاصمة الموريتانية، العطش دائماً، وتشتد أزمة المياه في في الوقت الذي تتقلص مياه البحيرة الجوفية التي تمد العاصمة بالماء في هذا البلد الذي لا تمطر فيه السماء إلا نحو أيام سنوياً، وستستفحل المشكلة أكثر من ذلك ما لم تمد الحكومة خط أنابيب لنقل المياه العذبة من نهر السنغال، الذي يبعد 200 كلم جنوب العاصمة، أو تبني محطة تحلية لاستخلاص المياه الصالحة للشرب من المحيط الأطلسي المجاور.

تدابير جذرية

تحول نقص المياه في نواكشوط، العاصمة الموريتانية، إلى مشكلة مخيفة لدرجة أن السلطات في بعض المناطق اتخذت تدابير جذرية للحد من استهلاك المياه، ومنعت ري حدائق الخضراوات التي تعد مصدر دخل مهماً للعديد من الأسر، وأصبحت المساحات المزروعة سابقا الآن مقالب ضخمة للقمامة. ويموت الناس من العطش أو المياه الملوثة في الأحياء الفقيرة وفي مدن الصفيح على أطراف نواكشوط.

ويعيش أكثر من 600 ألف شخص في نواكشوط، التي لم تكن سوى أكبر قليلاً من قرية صيد قرب المحيط الأطلسي عندما حصلت موريتانيا على استقلالها عن فرنسا في عام 1961. وتم اختيارها كعاصمة جديدة للبلاد بسبب الخزان الكبير من المياه العذبة الذي يقع تحتها، والمعروف باسم بحيرة أترارزة. حيث ظلت هذه البحيرة تزود العاصمة بالمياه على مدى السنوات الـ43 الماضية. وتتمثل المشكلة في أن العاصمة تم تخطيطها لتستوعب 15 ألف نسمة، إلا أن عدد سكانها تضاعف الآن 40 مرة عما هو محدد من قبل. ولهذا السبب تنحسر مياه الخزان الجوفي بسرعة.

وتتركز نسبة كبيرة من السكان في ضواحي المدينة، حيث تنعدم إمدادات المياه والكهرباء. ويقول أحد المهندسين إن عدد السكان يتزايد بشكل أسرع بكثير من قدرتنا على تزويد مناطق جديدة بخزانات المياه والصنابير العامة، «وبدلاً من تركيز جهودنا على تجديد واستكمال شبكة المياه القائمة، فإننا نتعامل مع حالات الطوارئ وإرسال شاحنات المياه إلى المناطق التي لديها نقص مريع في إمدادات المياه».

ولاتزال إدارة أو نقل المياه من مصدرها إلى المدينة مشكلة، وعلى الرغم من أن الدولة تسيطر على هذا النظام، إلا أنها لا تملك الوسائل الكافية لتزويد السكان بالمياه وبالتالي حولت إدارة صنابير المياه لمشغلين من القطاع الخاص. ويمكن للسكان الحصول على إمدادات المياه إما من الصنابير التي تديرها لجنة مكافحة الفقر، أو من المشغلين، حيث الأسعار عالية عموماً. ويمكن للسكان الحصول على إمدادات المياه أيضاً من بعض الناس الذين ارتبطت شبكة مياههم بالشبكة العامة، حيث يعمل هؤلاء على إعادة بيع ما يتلقونه من مياه. وتتذبذب الأسعار خلال العام وفقاً لقسوة الظروف المناخية، وتضطر الأسر الفقيرة إلى إنفاق نصف دخلها على الماء. ويساعد في رفع الأسعار أيضاً تزايد عدد الموزعين الذين يشترون الماء من المشغلين أو من الحكومة ويوزعونها لحسابهم بالسعر الذي يختارونه.

وهناك مشكلة كبيرة تتمثل في نظافة المياه الصحية، فمن الناحية النظرية تصل المياه نظيفة إلى الصنابير العامة، ولكن يتم نقلها في ما بعد إلى المساكن في «عبوات» البنزين الفارغة أو الأوعية التي كانت تحوي مواد كيميائية، ما يعني تلوثها بالمعادن والكيماويات. هذه المياه غير الصالحة للاستهلاك السبب الرئيس للمرض والوفيات بين الأطفال. وقد تتعرض إمدادات المياه إلى الصنابير العامة، في بعض الأحيان، للأعطال، الأمر الذي يؤدي إلى انقطاع إمدادات المياه لأيام عدة، ويتيح المجال لدخول الماء سوقاً سوداء وبيعه بأضعاف سعره الحقيقي.

ولهذا السبب تعيش نواكشوط حالة دائمة من ندرة المياه، والعطش، وعلى الرغم من ذلك يؤكد علماء الجيولوجيا الموريتانيون أن موارد المياه في البلاد تكفي لتزويد جميع السكان لسنوات عديدة قادمة، شريطة أن تكون إدارتها أكثر كفاءة، وشريطة أن يتم سحب نحو 40 ألف متر مكعب من المياه الجوفية يومياً.

 

 

تويتر