«المياه» رحلة يومية شاقة لسكان في ساحل العاج
ليس بالأمر الغريب أو المستهجن، أن يمضي الصبية والنساء ساعات عدة، قد تصل إلى أيام بحثاً عن الماء في القرى الجنوبية الغربية من ساحل العاج – كورت ديفوار، ولأن الآبار نضبت منذ أشهر أصبح مألوفاً وعادياً أن ترى الرجال والنساء من مختلف الأعمار يتجولون في ضواخي السافانا والحشائش، حاملين أوعيتهم وصفائحهم طلباً للماء.
وتقول لوسي زيادة، ربة بيت من بلدة بينهو: «لم نشهد في الماضي جفافاً كالذي نعيشه اليوم، فلم تسقط أمطار على البلاد منذ ديسمبر الماضي».
وأضافت: «المناطق الجنوبية الغربية هي موطن إنتاج الأرز والبطاطا والمنيهوت، فضلاً عن المحاصيل التي تعود بالعملة النقدية مثل الكاكاو والبن والمطاط، وكان من المفروض أن يبدأ موسم الأمطار في فبراير الماضي، ولكن موسم الجفاف هو الذي بادر بالهجوم وفرض نفسه، ما نجم عنه تدهور الإنتاج الزراعي، وتراجعه إلى أكثر من النصف».
جفاف كل سنتين حسب منظمات الأمم المتحدة، فإن الجفاف يضرب ساحل العاج مرة كل سنتين منذ عام 2001، وأن محاصيل الحبوب والبقوليات انخفضت بنسبة 27% سنوياً عما كانت عليه منذ 2003. |
وأشارت إلى أن كل الأسر أصبحت تعاني شح المياه ونقصها، وأصبح يتوجب على الجميع من مختلف الأعمار السير ساعات طويلة بحثاً عن الماء.
ويزيد من تفاقم أزمة نقص المياه في تلك المناطق، تهالك مرافق البنية التحتية التي لحق بها دمار كبير بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت في ساحل العاج في 2002، وأدت إلى تقسيم البلاد بين الشمال الذي أصبح تحت سيطرة المتمردين والثوار، والجنوب تحت سيطرة الحكومة. ويتساءل الأهالي، حول ما إذا كان اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي سيفضي إلى حالة من الاستقرار والاسترخاء تساعد في التغلب على جملة من الأزمات الإنسانية التي تعانيها البلاد منذ سنوات طويلة.
وقال مسؤول فني بالشركة في غويغلو، طلب عدم ذكر اسمه: «الآبار التي لدينا ليست كافية، ونحتاج كل يوم إلى 600 متر مكعب من الماء لتوزيعها في غويغلو والضواحي المحيطة بها، في حين لا يمكننا توفير إلا 300 متر مكعب، ما يعني أننا لسنا قادرين على إرضاء أحد».
وأضاف أن «مشكلات المياه ستزداد سوءاً، خلال الأشهر المقبلة، ولابد من انتظار موسم الأمطار المقبل».
ويتسبب نقص الماء في انتشار الأمراض والأوبئة بين الأطفال، خصوصاً تلاميذ المدارس التي تعاني شح مياه الشرب، في حين أن التلاميذ في مدرسة واحدة على الأقل في منطقة ديويكوي يعانون الحرمان التام من ماء الشرب، ما يضطرهم إلى اللجوء إلى مصادر غير آمنة وغير صحية للحصول على حاجتهم من الماء، خلال ساعات الدراسة.
وقال مساعد الشؤون المالية في إحدى المدارس، باسكال نياندو: «الطلاب لا يجدون الماء الصالح للشرب والاغتسال والنظافة، ونواجه مخاطر الإصابة بالإسهال والديزنتاريا، بسبب الماء الملوث مع احتمال تفشي الكوليرا».
ويقول المزارع ليونيل كبيدي، وهو من سكان غويغلو: «ينبغي أن يبدأ موسم الأمطار هنا في فبراير، وهذا يعطينا الأمل القوي، ولكن بسبب الجفاف وشح الأمطار لم أفكر في تفقد حقولي المزروعة بالمنيهوت، لأنني أدرك أنني لن أجد شيئاً آكله».