نفاد المياه الجوفية يؤثر في أسواق الغذاء العالمية
ندرة المياه تزيد النزاعات بين الدول
أفادت تقارير دولية بأن أسواق الغذاء العالمية ستتأثر بسبب الاستنفاد السريع للمياه الجوفية، مؤكدة ضرورة أن يجعل زعماء العالم ندرة المياه أولوية قصوى في جداول أعمالهم، لأنها أكثر إلحاحاً من قضية التغير المناخي، فقد ارتفع عدد النزاعات المتعلقة بالمياه في جميع أنحاء العالم خلال السنوات الـ15 الماضية، وفق معهد المحيط الهادئ، وهي مجموعة معنية بأبحاث المياه.
وأعرب مسؤولون في الاستخبارات الأميركية أيضاً، عن مخاوفهم بشأن خطر الصراع على المياه. ويذكر تقرير صادر عن الأمن القومي الأميركي في 2012، تم إعداده لأغراض وزارة الخارجية الأميركية، أنه «حسب تقييمنا للوضع خلال السنوات الـ10 المقبلة ستؤدي مشكلات المياه إلى عدم الاستقرار في دول تعتبر مهمة جداً للأمن القومي للولايات المتحدة».
الحلّ لدى الحكومات واجهت شركات صناعة السيارات، وتوليد الكهرباء، وأعمال المناجم، احتجاجات، لاسيما في المناطق التي يوجد فيها أكبر نسبة من مستخدمي المياه في العالم، مثل المزارعين، وتوجد فيها لوائح تتشدد على استخدام المياه، وفق تقارير دولية. وأضافت «يبدو أن الحل لندرة المياه يكمن في أيدي الحكومات، إلى حدّ كبير، وليس الشركات، لأن الأمر يتطلب سياسات مثل التنظيم الأفضل للمياه الجوفية للري، أو استخدام وسائل أكثر ذكاءً لمياه الصرف الصحي»، وأظهرت بعض الدول نجاحاً كبيراً في إعادة تدوير المياه، مثل سنغافورة. |
ويشير ذلك التقرير إلى المخاطر التي قد تتعرض لها أسواق الغذاء العالمية، بسبب الاستنفاد السريع للمياه الجوفية. ويقول رئيس شركة نستلة العالمية للأغذية، بيتر برابيك: «أنا لا أقول إن تغير المناخ ليس مهماً»، مضيفاً أن الاحترار العالمي حصل على المزيد من الاهتمام، لأنه يحظى برعاية شخصيات عالمية بارزة، مثل العلماء الحائزين جائزة نوبل للسلام، وصنّاع السينما في هوليوود. وتأتي تصريحات برابيك في الوقت الذي تحاول الشركات التكيف مع ارتفاع تكاليف المياه في جميع أنحاء العالم.
خلال السنوات الثلاث الماضية، خصصت بعض الشركات العالمية أكثر من 84 مليار دولار (نحو 308.5 مليارات درهم)، لتحسين الطريقة التي تحصل بها على مياه الشرب، ويقول خبير بشأن المياه العالمية، كريستوفر جاسون، إنه «حتى الآن، تعامل الشركات المياه كما لو كانت مادة خاماً مجانية»، ويضيف «ولكن مع ارتفاع الكلفة الهامشية للمياه في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت الذي تفرض الحكومات مزيداً من التشريعات على استعمالها، تجد الشركات نفسها أنها بحاجة إلى الاستثمار في وسائل لحماية كل شيء تملكه من العلامة التجارية الخاصة بها الى تصنيفها الائتماني». في العام الماضي وحده، وافقت شركتا «بي إتش بي بيليتون»، و«ريو تينتو»، وهما من أكبر شركات التعدين في العالم، على إنفاق مبلغ ثلاثة مليارات دولار (نحو 11 مليار درهم) لإنشاء محطة لتحلية المياه لمناجمهما في تشيلي، بعد أن فرضت الحكومة قيوداً على استخدام المياه المحلية.
وأنفقت شركة كوكا كولا منذ عام 2003 نحو ملياري دولار (نحو 7.3 مليارات درهم) على تدابير الحفاظ على المياه، بما في ذلك أكثر من مليار دولار (نحو 3.67 مليارات درهم) للتخلص من المياه العادمة.
ويلعب التغير المناخي أيضاً دوراً مهماً في أزمة المياه، حيث أنفقت شركة توليد الطاقة الكهرومائية من جبال الألب الفرنسية، إيي دي إيف، 30 مليون دولار لتحويل نفق يستقبل مياه الثلوج الذائبة من جبال الألب إلى ناحية أخرى من الجبال، بعد أن قلّت كمية الثلوج التي تأتي عبر هذا النفق كثيراً في الآونة الأخيرة.
ويعتقد برابيك أنه من الخطأ إلقاء اللوم على الاحتباس الحراري في ندرة المياه، ويقول: «لدينا أزمة مياه، بسبب القرارات الخاطئة التي نتخذها بشأن إدارة المياه»، موضحاً أن المياه «دائماً ما نقلل من قيمتها ونهدرها ونسيء استخدامها». وكانت «نستلة» تعرضت من قبل إلى انتقادات لاذعة من جماعة الخضر، بسبب ازدهار أعمال الشركة في الفترة الماضية بفضل المياه المعبأة، إذ يرى هؤلاء النشطاء أن الشركة قامت بخصخصة مياه الشرب، التي هي في الأصل حق من حقوق الإنسان الأصيلة.